للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل العلم: أن العام يخص، والمطلق يقيد. ولهذا قال المالكية كغيرهم: أن الحد يؤخر لمصلحة المحدود لعارض كحر أو برد شديدين (١) ، وهذا تقييد لإطلاق النص، فما الذي يمنع من تأخيره هنا مع أن المصلحة أظهر وأشمل فهي لمصلحة المحدود خوفاً من لحوقه بالكفار وارتداده عن الإسلام، ولمصلحة المسلمين تكثيراً لصفهم ومحافظهَ على سلامة وحدتهم وهذا هو محض فقه الصحابة رضي الله عنهم.

إذاً: فيكون ورود هذا القيد أولى من تقييد مطلق الأمر بنحو حر أو برد شديدين والله أعلم.

مذهب الشافعية:

اختلفت حكاية أهل العلم لمذهب الشافعي على ما يلي:

الأول: أنه كمذهب مالك سواء: من إقامة الحد في كلّ زمان ومكان: دار حرب أو إسلام. حكاه البيهقي (٢) ، وابن هبيرة (٣) ، وابن الهمام (٤) .

الثاني: إقامة الحد بدار الحرب إذا كان أمير الجيش الإمام أو أمير الإقليم، وإلا فيؤخر حتى يأتي إلى الإمام، وكذلك يؤخر أن كان بالمسلمين حاجة إلى المحدود أو قوة به. حكاه ابن قدامة (٥) وهو يوافق مذهب الحنفية في إقامته إذا كان مع الجيش الإمام أو أمير الإقليم كما تقدم (٦) .


(١) انظر: جواهر الإكليل شرح مختصر خليل للأزهري ٢/٢٨٦ ط الحلبي سنة ١٣٦٦ هـ.
(٢) انظر: السن الكبرى ٩/١٠٣.
(٣) انظر: الإفصاح ٢/٤٣٤ ط الأولى بحلب بلا تاريخ وابن هبيرة: هو يحيى بن هبيرة بن محمد بن هبيرة الشيباني الحنبلي المتوفى سنة ٥٦٠ هـ. (انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ١/ ٢٥١ وما بعدها، وشذرات الذهب ٤/ ١٩١) .
(٤) انظر: شرح فتح القدير٥/ ٤٦-
(٥) انظر: المغني مع الشرح الكبير ١٠/٥٣٧.
(٦) انظر: ص/٣٠٨

<<  <   >  >>