للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فإن قيل: فهب أنكم خرجتم ذلك على القياس، فما تصنعون بسقوط الحد عنه، وقد وطئ فرجاً لا ملك له فيه ولا شبهة ملك؟.

قيل: الحديث لم يتعرض بنفي ولا إثبات، وإنما دل على الضمان وكيفيته) . وهذا جواب مسلم به فإن الحديث في كافة رواياته ليس فيه تعرض للحد فكيف يقال أن الحديث فيه إسقاط الحد. وأيضاً فإن القول بالنسخ لا بد فيه من معرفة التاريخ، وهو هنا غير معلوم فيتبين إذا أن القول بالنسخ غير وارد والله أعلم.

الفرقة الثانية: الذين قالوا بأن هذا الحديث محكم غير منسوخ فخرجوه على وفق القياس.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى تخريجهم لهذا الحديث على وفق القياس فقال (١) :

(وقالت طائفة: بل وجهه أنه إذا استكرهها فقد أفسدها على سيدتها ولم تبق ممن تصلح لها، ولحق بها العار وهذا مثلة معنوية فهي كالمثلة الحسية أو أبلغ منها، وهو قد تضمن أمرين: إتلافها على سيدتها، والمثلة المعنوية بها، فتلزمه غرامتها لسيدتها وتعتق عليه.

وأما إن طاوعته فقد أفسدها على سيدتها فتلزمه قيمته لها، ويملكها لأن القيمة

قد استخفت عليه، وبمطاوعتها وإرادتها خرجت عن شبهة المثلة، قالوا ولا يعد في

تنزيل الإتلاف المعنوي منزلة الإتلاف الحسي إذ كلاهما يحول بين المالك وبين

الانتفاع بملكه، ولا ريب أن جارية الزوجة إذا صارت موطؤة لزوجها، فإنها لا

تبقى لسيدتها كما كانت قبل الوطء، فهذا الحكم من أحسن الأحكام وهو موافق للقياس الأصولي) .

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم من وطىء جارية امرأته على أقوال


(١) انظر: زاد المعاد ٣/٢٠٨- ٢٠٩. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى هذا أيضاً مبسوطاً من كلام شيخه ابن تيمية رحمه الله تعالى في (أعلام الموقعين) ٢/٢٥- ٢٨.

<<  <   >  >>