للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس:

في توبته (١)

اختلف العلماء في صورة توبة القاذف على قولين:

أحدهما: أن توبته لا تكون إلا بأن يكذب نفسه في ذلك القذف الذي حد فيه. وهذا قول جماعة من السلف منهم عمر رضي الله عنه وبه قال الشافعي (٢) . وأحمد (٣) .

الثاني: أن توبته أن يصلح ويحسن حاله وحسبه الاستغفار وإن لم يكذب نفسه

في ذلك. وهذا قول جماعة منهم مالك رحمه الله تعالى (٤) وقد حكى ابن القيم رحمه الله تعالى القولين واختار القول الأول ودلّل عليه وبيّن ضعف القول الثاني. وفي ذلك يقول (٥) :

(الصحيح من القولين: أن توبة القاذف: إكذابه نفسه، لأنه ضد الذنب الذي ارتكبه وهتك به عرض المسلم المحصن، فلا تحصل التوبة منه إلا بإكذابه نفسه، لينتفي عن المقذوف العار الذي ألحقه به بالقذف وهو مقصود التوبة.

وأما من قال: إن توبته أن يقول (استغفر الله) من القذف، ويعترف بتحريمه، فقول ضعيف لأن هذا لا مصلحة فيه للمقذوف. ولا يحصل له به براءة عرضه مما


(١) التوبة: مصدر تاب يتوب توبة وتوباً ومتابة. والتوبة: الرجوع إلى الله عن معصيته. (انظر: القاموس للفيروز آبادي ١/ ٤١) وانظر في مبحث التوبة عند ابن القيم ١/ ١٧٩- ٤٠٠ من مدارج السالكين.
(٢) انظر: نهاية المحتاج للرملي ٨/ ٢٩١. وتفسير القرطبي ١٢/ ١٧٩. والمغني لابن قدامة ١٢/٧٧.
(٣) انظر: المغني لابن قدامة ١٢/٧٧ - ٧٨.
(٤) انظر: تفسير القرطبي المالكي ١٢/ ١٧٩.
(٥) انظر: مدارج السالكين ١/ ٣٦٣

<<  <   >  >>