للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عم وميزانه الذي به يعرف صحيحه من سقيمه وراجحه من مرجوحه، والمرآة التي يعرف بها الحسن والقبيح. وقد قيل: العقل ملك والبدن روحه. وحواسه وحركاته كلها رعية له فإذا ضعف عن القيام عليها وتعهدها وصل الخلل إليها كلها. ولهذا قيل من لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه، كان حتفه في أغلب خصال الشر عليه ... ) .

ج- قاعدة الشريعة المطردة تحرم كل خبيث وضار، والخمر أم الخبائث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الخمر أم الخبائث) (١) ، وهي ضارة لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن

الخمر يجعلها في الدواء (إنها داء وليست بدواء) (٢) .

ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في معرض بحثه التداوي بالمحرمات هذه القاعدة في التحريم ثم ضرب المثال بالخمر فقال (٢) :

(وليفرض الكلام في أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط: فإنها

شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء وكثير من الفقهاء والمتكلمين، قال أبقراط (٤) في أثناء كلامه في الأمراض الحادة (ضرر الخمرة بالرأس شديد لأنه يسرع الارتفاع إليه ويرتفع بارتفاعه الأخلاط التي تعلو في البدن. وهو كذلك يضر بالذهن)) .

وهذا الذي قرره ابن القيم من أن الخمر مضرة بالدماغ هو محل إجماع رجال الطب. كما ذكره الأستاذ إسماعيل الخطيب في كتابه (المسكرات بين الشرائع والقوانين) فيقول (٥) :


(١) حديث حسن: رواه مرفوعاً عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه القضاعي في مسنده (انظر كشف الخفاء للعجلوني ١/٣٨٢ الطبعة الثانية سنة ٣٥١ هـ بمصر) .
(٢) رواه مسلم بإسناده طارق بن سويد الجعفي: انظر مسلم بشرح النووي ١٣/١٥٢.
(٣) انظر: زاد المعاد ٣/١١٥.
(٤) هو: بقراط بن إيراقليس- رأس الأطباء. (انظر: الفهرست لابن النديم ص/٤١٤)
ط الاستقامة بمصر سنة ٣٧٧ هـ.
(٥) انظر: ص/٣٨

<<  <   >  >>