للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن بريدة رضي الله عنه لم ينفرد بنقل النص الناسخ بل رواه غيره من الصحابة رضي الله عنهم كما في حديث جابر رضي الله عنه عند البخاري. وأحاديث أنس، وعلي، وأبي هريرة، وعبد الله المزني (١) وغيرهم كما عند الإمام أحمد في مسنده. فكيف يقال إنه فرد لا يبلغ قوة المقاومة لأحاديث النهي. ويضيف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عذراً آخر لن قال باستمرار النهي فيذكر أن (منهم من لم يبلغه النسخ) (٢) وإذ قد بلغ فليكن حجة على من بلغه والله أعلم.

الخلاصة والترجيح:

يتضح مما تقدم أن القول بالنسخ هو مذهب الجماهير من العلماء منهم الحنفية والشافعية وإحدى الروايتين عن أحمد واختيار جماعة من محققي العلماء منهم البخاري، والخطابي، وابن قدامة وغيرهم وإن حجتهم في هذا حجة أحاديث النسخ لأحاديث النهي من حديث بريدة رضي الله عنه وغيره من الصحابة رضي الله عنهم. وهذا هو ما اختاره ابن القيم رحمه الله تعالى.

وإن القول ببقاء الحظر هو مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وإن هذا القول لا يثبت أمام النقد لعدم سلامة الدفع لأحاديث النسخ.

وعليه فإن ما ذهب إليه الجمهور من عود الحكم إلى الإباحة واختاره ابن القيم رحمه الله تعالى هو أرجح القولين وأولاهما بالقبول والله أعلم.


(١) هو: عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه مات سنة ٥٧ هـ. انظر تقريب التهذيب لابن حجر ١/٤٥٣) .
(٢) انظر مجموع الفتاوى ٢٨/٣٣٨

<<  <   >  >>