للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر رضي الله عنه كما في حديث السائب بن يزيد عند البخاري (١) . فهذا دليل على أنهم فهموا أن ذلك هو الحد المقدر ولم يجاوزوه زيادة في الحد كما لم يجاوزوا غيره من الحدود المنصوصة. ولو قيل إن هذه الزيادة هي من الحد لكان هذا الاستنباط يعود على النص بالإبطال وهذا لا يجوز. فترجح إذا أن تكون هذه الزيادة تعزيراً لا حداً.

وهذا تؤيده الآثار المروية عن عمر رضي الله عنه: مثل تدرجه بالضرب ومثل ضربه في وقت واحد أربعين وثمانين تبعاً للمصلحة. ومثل ما رواه أبو عبيد في الغريب عن عمر أنه أتى بشارب، فقال المطيع بن الأسود: إذا أصبحت غداً فاضربه. فجاء عمر فوجده يضربه ضرباً شديداً فقال: كم ضربته؟ قال: ستين قال: اقتص منه بعشرين) (٢) . قال أبو عبيد في معنى ذلك (يعني اجعل شدة ضربك له قصاصاً بالعشرين التي بقيت من الثمانين ... ويؤخذ من هذا: أن الزيادة على الأربعين ليست بحد إذ لو كانت حداً لما جاز النقص منه بشدة الضرب إذ لا قائل به) (٣) .

و أما دعوى الإجماع في عهد عمر رضي الله عنه حيث وافقه كبار الصحابة على أن الحد ثمانون جلدة (٤) . فهذا متعقب بأن علياً رضي الله عنه رجع

منه. ومن قبله عثمان رضي الله عنه.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تعقب الإجماع (٥) : (وتعقب بأن علياً رضي الله عنه أشار على عمر بذلك ثم رجع عنه واقتصر على الأربعين


(١) انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري ١٢/٦٦.
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر ١٢/٧٣. وقال إسناده صحيح.
(٣) انظر: فتح الباري ١٢/٧٣- ٧٤.
(٤) انظر: المغني ١٠/٣٣٩.
(٥) انظر: فتح الباري ١٢/٧٣.

<<  <   >  >>