للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ناقة رجل من مزينة وأقروا على أنفسهم، فقال عمر: يا كثير ابن الصلت (١) . اذهب فاقطع أيديهم فلما ولى بهم ردهم عمر ثم قال: أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى أن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له لقطعت أيديهم. وأيم الله إذ لم أفعل لأغرمنك غرامة توجعك. ثم قال: يا مزني بكم أريد منك ناقتك قال: بأربع مائة. قال عمر: اذهب فأعطه ثمانمائة) (٢) .

وجه الاستدلال

والاستدلال من هذه القصة واضح فإن عمر رضي الله عنه لم يقطع السارق في المجاعة والله أعلم.

٣- القياس.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى (٣) :

(وإسقاط القطع عن السارق في عام المجاعة هو: محض القياس. ومقتضى قواعد الشريعة فإن السنة إذا كانت سنة مجاعة وشدة غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعو إلى ما يسد به رمقه. ويجب

على صاحب المال بذل ذلك له، إما بالثمن أو مجاناً. على الخلاف في ذلك،

والصحيح وجوب بذله مجاناً. لوجوب المواساة وإحياء النفوس مع القدرة على

ذلك والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج. وهذه شبهة قوية تدرء القطع عن

المحتاج. وهي أقوى من كثير من الشبه التي يذكرها كثير من الفقهاء. بل إذا وازنت بين هذه الشبهة وبين ما يذكرونه ظهر لك التفاوت.

فأين شبهة كون المسروق مما يسرع إليه الفساد (٤) . وكون أصله على الإباحة


(١) هو: كثير بن الصلت بن معد يكرب الكندي المدني قال الحافظ ابن حجر في (التقريب
٢/١٣٢ وهم من جعله محابيا) .
(٢) انظر: الموطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى ٢/١٢٣- ١٢٤ (كتاب الأقضية) .
(٣) انظر: أعلام الموقعين ٣/٢٣.
(٤) انظر: بيانها فما تقدم ص/٦٢٨

<<  <   >  >>