للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: إذا قال السارق الذي أخذته ملكي كان عنده وديعة ونحو ذلك فلا قطع عليه ولو كان معروفاً بالسرقة لأن صدقه محتمل.

وابن القيم رحمه الله تعالى يندد بذلك ويبطل هذه الشبهة ويرى أنها من الحيل المحرمة لإبطال حد السرقة فيقول (١) :

(الحيلة على إسقاط حد السرقة بقول السارق: هذا ملكي وهذه داري وصاحبها عبدي من الحيل التي هي إلى المضحكة والسخرية والاستهزاء بها أقرب

منها إلى الشرع ونحن نقول: معاذ الله أن يجعل في فطر الناس وعقولهم قبول مثل

هذا الهذيان البارد المناقض للعقول والمصالح فضلاً عن أن يشرع لهم قبوله. وكيف يظن بالله وشرعه ظن السوء: أنه شرع رد الحق بالباطل الذي يقطع كل أحد ببطلانه. وبالبهتان الذي يجزم كل حاضر ببهتانه. ومتى كان البهتان والوقاحة

والمجاهرة بالزور والكذب مقبولاً في دين من الأديان أو شريعة من الشرائع أو

سياسة أحد من الناس؟. ومن له مسكة من عقل وإن بلى بالسرقة فإنه لا يرضى

لنفسه بدعوى هذا البهت والزور. ويا لله ويا للعقول! أيعجز سارق قط عن التكلم

بهذا البهتان ويتخلص من قطع اليد. فما معنى شرع قطع يد السارق ثم إسقاطه بهذا

الزور والبهتان) .

وقال أيضاً في معرض بيانه لبطلان الحيل (٢) :

(ويا لله العجب كيف يسقط القطع عمن اعتاد سرقة أموال الناس، وكلما

أمسك معه المال المسروق قال: هذا ملكي. والدار التي دخلتها داري. والرجل الذي دخلت داره عبدي، قال أرباب الحيل: فيسقط عنه الحد بدعوى ذلك.

فهل تأتي لهذا سياسة قط جائرة أو عادلة. فضلاً عن شريعة نبي الأنبياء فضلاً

عن الشريعة التي هي أكمل شريعة طرقت العالم) .


(١) انظر: أعلام الموقعين ٣/٢٥٧.
(٢) انظر: أعلام الموقعين ٣/١٩٩. وأيضاً ٣/٣١٦.

<<  <   >  >>