(وأكثر ما فيه تأخير الحد لمصلحة راجحة أما من حاجة المسلمين إليه، أو من خوف ارتداده ولحوقه بالكفار، وتأخير الحد لعارض أمر وردت به الشريعة، كما يؤخر عن الحامل والمرضع وعن وقت الحر والبرد والمرض، فهذا تأخير لمصلحة المحدود فتأخره لمصلحة الإسلام أولى) .
وهذا قياس مسلم يفيد مطابقة صريح المعقول لصحيح النقول، قد استوفى شرائط القياس وأركانه:
فذكر المقيس: وهو تأخير الحد في الغزو.
وذكر المقيس عليه: وهو تأخير الحد في غير الغزو.
وذكر العلة الجامعة: وهي المصلحة.
وذكر الحكم: وهو الجواز.
وبين أنه قياس الأولى: لأن المصلحة العارضة في المقيس لمصلحة الإسلام، وفي المقيس لمصلحة المحدود، فإذ كانت المصلحة الخاصة علة للتأخير تكون المصلحة العامة أولى بذلك لأنها أقوى في الاعتبار والله أعلم.
ثانياً: استدلاله على تقرير الاستثناء:
سبق في صدر هذا المبحث بيان أن اختيار ابن القيم رحمه الله تعالى: هو تأخير الحد عن المسلم في أرض العدو وأنه استثنى من هذا، أن من كانت له من الحسنات والنكاية بالعدو ما يغمر سيئته التي وقع فيها وقد ظهرت منه مخايل التوبة النصوح فإنه يسقط عنه الحد بالكلية (١) .
وقد سبق أيضاً بيان أدلته على تأخير الحد، أما دليله على تقرير هذا الاستثناء فإنه استدل بما يلي: