للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن حملت من الزنى: فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنى والقتل وإن حملته على

الزوج أدخلت على أهله وأهلها أجنبياً ليس منهم فورثهم وليس منهم، ورآهم

وخلا بهم وانتسب إليهم وليس منهم، إلى غير ذلك من مفاسد زناها.

وأما زنى الرجل، فانه يوجب اختلاط الأنساب أيضاً، وإفساد المرأة المصونة، وتعريضها للتلف والمفاسد، وفي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين ... فكم في الزنى

من استحلال لحرمات وفوات حقوق. ووقوع مظالم) .

وقال أيضاً (١) :

(لما كانت مفسدة الزنى من أعظم المفاسد، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في

حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وصيانة الحرمات، وتوقي ما يوقع أعظم العدواة، والبغضاء بين الناس، من إفساد كلّ منهم امرأة صاحبه وابنته وأخته

وأمه، وفي ذلك خراب العالم كانت تلي مفسدة القتل في الكبر، ولهذا قرنها الله

سبحانه بها في كتابه لرسوله صلى الله عليه وسلم في سننه.

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ولا أعلم بعد قتل النفس شيئاً أعظم من الزنى،

وقد أكّد سبحانه حرمته بقوله (٢) (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون

النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له

العذاب يوم القيامة، ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب) الآية.

فقرن الزنى بالشرك وقتل النفس، وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف، ما لم يرفع العبد موجب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح وقد قال

تعالى (٣) (ولا تقربوا الزنى أنه كان فاحشة وساء سبيلاً) فأخبر سبحانه عن فحشه في نفسه، وهو القبيح الذي قد تناهى قبحه حتى استقر فحشه في العقول


(١) انظر: الداء والدواء ص/٢١٩.
(٢) من الآية رقم ٦٨ سورة الفرقان.
(٣) الآية رقم ٣٢ سورة الإسراء.

<<  <   >  >>