للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الحديث: دل الحديث على أن كل شرط اشترطه الإنسان على نفسه، أو لها على غيره فهو باطل، لا يلزم من التزمه أصلا، إلا أن يكون في كتاب الله الأمر به أو النص على إباحته (١).

نوقش: بأن"معنى كونه ليس في كتاب الله أي يخالف كتاب الله، فلا يجب كونه مذكورًا فيه، بل يجب كونه غير مخالف لقواعد الشرع" (٢)، وقد فسره البخاري (٣) بذلك؛ فترجم له بباب "المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله تعالى"؛ لأن المراد بكتاب الله حكمه، وكل ما لم يكن من ذلك فهو مخالف لما في كتاب الله (٤).

الدليل الرابع: أن الشرط المقترن بالعقد يؤدي إلى الربا؛ وذلك أنه التزام منفعة زائدة في البيع، وزيادة منفعة مشروطة في البيع ربا؛ لأنها زيادة عارية عن العوض (٥).

نوقش: بعدم التسليم أن الشرط منفعة عارية عن العوض، بل لكل شرط مقابل من الثمن زيادة ونقصًا، وأيضًا هذا القول يؤدي إلى بطلان كل الشروط، حتى تلك الشروط التي اتفق العلماء على جوازها، كاشتراط صفة في المعقود عليه، أو اشتراط توثيق الثمن بكفيل، وأنتم لا تقولون بذلك (٦).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم ٥/ ١٣، ٣١.
(٢) فيض الباري على صحيح البخاري، للديوبندي ٤/ ٣٩ - ٤٠.
(٣) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبدالله، أمير المؤمنين في الحديث، أكثر من الرحلة وطلب العلم، وصنف التصانيف النافعة ومنها: "صحيح البخاري"، و"الأدب المفرد"، توفي سنة ٢٥٥ هـ. انظر: تهذيب الكمال، للمزي ٢٤/ ٤٣٠، سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٢/ ٣٩١.
(٤) انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني ١٤/ ٢٠.
(٥) انظر: الهداية في شرح البداية، للمرغيناني ٣/ ٤٨، العناية شرح الهداية، للبابرتي ٦/ ٤٤٢.
(٦) انظر: نظرية الشرط، للشاذلي، ص ٥٥٥.

<<  <   >  >>