للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر؛ والبيع مع جهل الثمن غرر يؤدي إلى الخصومة والنزاع (١).

نوقش من وجهين: الوجه الأول: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع المبيع الذي هو غرر، فالمبيع نفسه هو الغرر؛ كالثمرة قبل بدو صلاحها، أما البيع في حال الجهل بالثمن فلا يسمى غررًا (٢).

يجاب: بأنه لا يسلم بأن الجهل بالثمن لا يسمى غررًا؛ فالجهل بالثمن غرر كالجهل بالمبيع؛ "لأنه أحد العوضين" (٣)، والجهل به يؤدي إلى الخصومة والنزاع كالجهل بالمبيع، وقد ذكر ابن تيمية في موضع آخر أن الجهل بالثمن غرر (٤).

الوجه الثاني: بأنه جهل يؤول إلى علم وسيتمكن من معرفة الثمن (٥)، ثم إن تراضيا به، وإلا ترادّا السلعة، فإن فاتت فثمن المثل، فلا وكس ولا شطط (٦).

يجاب: بأن الشارع إنما نهى عن الغرر لكي لا يحدث الاختلاف والخصومة، ثم رد السلعة، أو الوصول للقضاء وإجبار البائع أن يبيع بثمن المثل وهو غير راض، خاصة في السلع التي تتفاوت أسعارها كثيرًا، ولو جاز البيع بجهالة الثمن على هذه الكيفية، لجاز بجهالة المبيع، ثم إن تراضيا وإلا ترادّا الثمن، أو يعوض مثل المبيع، وهذا باطل للغرر، والأول مثله.


(١) انظر: البناية شرح الهداية، للعيني ٨/ ١٥، الموطأ، للإمام مالك ٤/ ٩٤١.
(٢) انظر: نظرية العقد، لابن تيمية، ص ٢٠٧.
(٣) الروض المربع، للبهوتي، ص ٣١٢.
(٤) انظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٤/ ٣٥.
(٥) انظر: المجموع، للنووي ٩/ ٣٣٣.
(٦) انظر: نظرية العقد، ص ١٥٤ - ١٥٦، ٢٠٦ - ٢٠٧.

<<  <   >  >>