للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: إجماع العلماء أن البيع لا يجوز مع الجهل بالثمن (١).

نوقش: بعدم صحة الإجماع في هذه المسألة؛ لثبوت الخلاف فيها (٢).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣).

وجه الدلالة من الآية: أن الله اشترط في البيع حصول التراضي، وإذا تم التراضي بين البائع والمشتري فالبيع صحيح، ولا يضر الجهل بالثمن؛ لأن التراضي يحصل من غالب الخلق بالسعر العام، وبما يبيع به عموم الناس، فإن غبنه فله الخيار (٤).

يناقش: بأن التراضي لابد أن يكون مع مراعاة الضوابط الشرعية؛ قال ابن تيمية: " قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٥). لكن لا بد من مراعاة الشروط الشرعية" (٦)، ومن الشروط الشرعية ألا يكون هناك غرر، والبيع مع جهالة الثمن من الغرر.

الدليل الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي، فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ القَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيَزْجُرُهُ


(١) ممن نقل الإجماع: العيني، وابن عبدالبر، وابن المنذر، وابن قاسم. انظر: البناية شرح الهداية، للعيني ٨/ ١٥، الاستذكار، لابن عبدالبر ٦/ ٤٣٣، الإشراف، لابن المنذر ٦/ ١٣١، حاشية الروض المربع، لابن قاسم ٤/ ٤٥٩.
(٢) انظر: موسوعة الإجماع، لمجموعة من المؤلفين ٢/ ٢٩٢.
(٣) سورة النساء، الآية ٢٩.
(٤) انظر: نظرية العقد، لابن تيميه، ص ١٥٥.
(٥) سورة النساء، الآية ٢٩.
(٦) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٤٩٩.

<<  <   >  >>