للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعُمَرَ: «بِعْنِيهِ»، قَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «بِعْنِيهِ» فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ» " رواه البخاري (١).

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "اشترى من عمر بعيره، ووهبه لعبدالله بن عمر، ولم يقدر ثمنه" (٢).

يناقش: بأن الحديث ليس فيه دلالة على أنه لم يقدر ثمنه، بل إن لفظ"فباعه وفي رواية: "فاشتراه" (٣) يدل على البيع، والشراء المعروف المعلوم الثمن والمثمن.

الدليل الثالث: "أن هذا عمل المسلمين دائمًا، لا يزالون يأخذون من الخباز الخبز، ومن اللحام اللحم، ومن الفامي (٤) الطعم، ومن الفاكهي الفاكهة، ولا يقدرون الثمن، بل يتراضيان بالسعر المعروف، ويرضى المشتري بما يبيع البائع لغيره من الناس" (٥).

يناقش من وجهين: الوجه الأول: أن عمل الناس لا يعد دليلًا خاصة إذا خالف الشرع؛ فالعادة محكمة ما لم تخالف الشرع (٦)؛ وقد قال النووي منكرًا هذا العمل: "فأما إذا أخذ منه شيئًا، ولم يعطه شيئًا، ولم يتلفظا ببيع، بل نويا أخذه بثمنه المعتاد كما يفعله كثير من


(١) كتاب البيوع، باب إذا اشترى شيئا، فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا، ولم ينكر البائع على المشتري، أو اشترى عبدا فأعتقه، برقم ٢١١٥.
(٢) انظر: نظرية العقد، لابن تيمية، ص ١٥٥.
(٣) رواه البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق بها، برقم ٢٦١٠.
(٤) الفامي: بائع السكر، وقيل: الفوم الحمص لغة شامية، وبائعه فامي. انظر: لسان العرب، لابن منظور ١٢/ ٤٦٠.
(٥) انظر: نظرية العقد، لابن تيمية، ص ١٥٥.
(٦) انظر: شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص ٢١٩، القواعد الكلية، لشبير، ص ٢٤٥.

<<  <   >  >>