للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن النهي عن بيع ما ليس عند البائع، إذا كانت عينًا معينة يبيعها، وهي ليست ملكه، بل ملك غيره ثم يسعى في تحصيلها، أو بيع ما لا يقدر على تسليمه فيكون قد ضمن له شيئا لا يدري هل يحصل أو لا يحصل؟ (١)، أما الاستصناع فليس كذلك؛ إذ هو بيع لموصوف في الذمة، وليس بيعًا لعين معينة، ويغلب على الظن حصوله وقت الوفاء؛ لأن الاستصناع لا يكون إلا بما جرى العرف التعامل به، والقدرة على تسليمه (٢).

الدليل الثاني: عن ابن عمر -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» رواه الدارقطني وغيره (٣).

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، أي الدين بالدين (٤)، وأجمع العلماء على النهي عن بيع الدين بالدين (٥)، وعقد الاستصناع فيه تأجيل البدلين فهو بيع دين بدين (٦).


(١) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٠/ ٢٩، إعلام الموقعين، لابن القيم ١/ ٣٠١.
(٢) انظر: عقد الاستصناع، لبدران، ص ٤٧.
(٣) رواه الدارقطني في سننه، كتاب البيوع، برقم ٣٠٦٠، والحاكم في المستدرك ٢/ ٦٥، برقم ٢٣٤٢. والحديث منكر؛ فيه موسى بن عبيده أنكر الأئمة حديثه. وقال الشافعي عن هذا الحديث: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث، وقال أحمد بن حنبل: وليس في هذا حديث صحيح. انظر: العلل، للدارقطني ١٣/ ١٩٣، تهذيب الكمال، للمزي ٢٩/ ١٠٩، التلخيص الحبير، لابن حجر ٣/ ٧١، الجامع لعلوم الإمام أحمد ١٥/ ١٣ - ١٤.
(٤) انظر: المدونة، للإمام مالك ٣/ ٣٧٦، المغني، لابن قدامة ٤/ ٣٧.
(٥) قال ابن المنذر: " وأجمعوا على أن بيع الدين بالدين لا يجوز" الإجماع، لابن المنذر، ص ١٣٢. وانظر: البناية، للعيني ٨/ ٣٩٥، المغني، لابن قدامة ٤/ ٣٧.
(٦) انظر: المنتقى، للباجي ٤/ ٣٠٠، التاج والإكليل، للمواق ٦/ ٤٧٦.

<<  <   >  >>