للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن الحديث ضعيف لايصلح الاحتجاج به (١)، وأما الإجماع على أن بيع الدين بالدين لا يجوز، فلا ينطبق على جميع الصور التي يشملها بيع الدين بالدين (٢)، والمنهي عنه في صورة بيع الدين بالدين هو ما لم يكن للناس به حاجة، أو مصلحة؛ لأن الذمتين تنشغلان بغير فائدة، فإنه لم يتعجل أحدهما ما يأخذه فينتفع بتعجيله وينتفع صاحب المؤخر بربحه، بل كلاهما اشتغلت ذمته بغير فائدة (٣)، وهذا بخلاف الاستصناع فإن الحاجة ماسة لتأخير العوضين، والفائدة موجودة في شغل الذمتين، لاسيما في هذا العصر (٤).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: الأحاديث التي وردت في صنع النبي -صلى الله عليه وسلم- للخاتم، وصنع الصحابة للخواتم، منها: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: " أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِيَ المِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: «إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ، وَإِنِّي لَا أَلْبَسُهُ» فَنَبَذَهُ، فَنَبَذَ النَّاسُ"متفق عليه (٥).

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: «أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-


(١) انظر تخريج الحديث.
(٢) انظر: الربا، للسلطان، ص ٨١ - ٩٥.
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم ١/ ٢٩٤.
(٤) انظر: الخدمات الاستثمارية في المصارف، للشبيلي ٢/ ٥٢٥.
(٥) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه، برقم ٥٨٧٦، ومسلم، كتاب اللباس، باب طرح خاتم الذهب، برقم ٢٠٩١.

<<  <   >  >>