للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المادة الخام، أو استصنعه والنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم عنده من غير تأجيل، وليس في الحديث ما يدل على أن العقد لم يقع ناجزًا (١).

الدليل الثاني: عن سهل -رضي الله عنه-، قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى فُلَانَةَ - امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - «مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ» فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا" متفق عليه (٢).

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استصنع المنبر، وفيه دلالة على جواز الاستصناع (٣).

نوقش: بأن المرأة متبرعة، وهي التي طلبت من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعمل له منبرًا، كما جاء عند البخاري عن جابر -رضي الله عنه-: " أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتِ» فَعَمِلَتِ المِنْبَرَ" (٤)، "فلما حصل لها القبول أمكن أن يبطئ الغلام بعمله، فأرسل يستنجزها إتمامه لعلمه بطيب نفسها بما بذلته" (٥).

الدليل الثالث: أنه لا يكاد يخلو عصر إلى يومنا هذا، إلا وأهل العلم وغيرهم يتعاقدون بالاستصناع على عمل شيء مما يحتاجونه دون نكير من أحد، وهذا إجماع عملي،


(١) انظر: الخدمات الاستثمارية في المصارف، للشبيلي ٢/ ٥٤٩.
(٢) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر، برقم ٩١٧، ومسلم، كتاب المساجد، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم ٥٤٤.
(٣) انظر: المبسوط، للسرخسي ١٢/ ١٣٩، تبيين الحقائق، للزيلعي ٤/ ١٢٣.
(٤) كتاب الصلاة، باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد، برقم ٤٤٨.
(٥) فتح الباري، لابن حجر ١/ ٥٤٤.

<<  <   >  >>