للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو من أقوى الحجج على جوازه (١).

نوقش: بأن عمل الناس لا يعد حجة، والذين رأوا عدم الجواز هم الجمهور، وهم أكثر من الذين رأوا جوازه (٢).

الدليل الرابع: "أن الحاجة تدعو إليه؛ لأن الإنسان قد يحتاج إلى خف أو نعل من جنس مخصوص، ونوع مخصوص، على قدر مخصوص وصفة مخصوصة، وقلما يتفق وجوده مصنوعًا؛ فيحتاج إلى أن يستصنع، فلو لم يجز؛ لوقع الناس في الحرج" (٣).

نوقش: بأن هذا الحرج يمكن أن يرفع بما أباحه الله من العقود؛ كالسلم في الصناعات، والإجارة، والمواعدة (٤).

أجيب: بأن الحاجة إلى الاستصناع قائمة والعقود الأخرى لا تفي بحاجة الناس، فالسلم يشترط لصحته تعجيل الثمن، وفيه من المخاطر الشيء الكثير الذي قد يجعل المستصنع في جهد ومشقة بحيث يخشى على ماله المدفوع من الإنكار، ويخشى الغش في المصنوع، والإجارة فيها تقديم المواد الخام، والمستصنع لا دراية عنده بأنواع المواد الخام ومواصفاتها، خاصة في الصناعات الكبيرة؛ كالطيارات، والباخرات، وغيرها، ولو أخل الصانع بالشروط خسر المواد التي قدمها، وربما لم يحض بالتعويض إلا بعد محاكمة قد تطول، والمواعدة فيها خطر على الصانع بأن المستصنع قد لا يفي بما وعد، فيتضرر خاصة


(١) انظر: فتح القدير، لابن الهمام ٧/ ١١٥، مجمع الأنهر، لأفندي ٢/ ١٠٦، الممتع، لابن عثيمين ١٠/ ٣٤٦، عقد الاستصناع، للزرقا، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، ص ٧٤٤.
(٢) انظر: عقد الاستصناع، للسالوس، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، ص ٧٧٩.
(٣) بدائع الصنائع، للكاساني ٥/ ٣.
(٤) انظر: عقد الاستصناع، للسالوس، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، ص ٧٧٩.

<<  <   >  >>