للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الأمير محمد - رحمه الله! - مهتبلا بأمور رعيته، مراقبا لمصالحها. ووضع عن أهل قرطبة ضريبة الحشود والبعوث. وقال ابن حبان: كانت عدة الفرسان المستنفرين لغزو الصائفة المجردة إلى جليقية في مدة الأمير محمد مع الولد عبد الرحمن ابنه على هذه التسمية المفصلة: من ذلك كورة إلبيرة: ألفان وتسعمائة؛ جيان: ألفان ومائتان؛ قبرة: ألف وثمانمائة؛ باغه: تسعمائة؛ تاكرنا: مائتان وتسعة وتسعون؛ الجزيرة: مائتان وتسعون؛ إسنجة: ألف ومائتان؛ قرمونة: مائة وخمسة وثمانون؛ شذونة: ستة آلاف وسبعمائة وتسعون؛ رية: ألفان وستمائة؛ فحص البلوط: أربعمائة؛ مورور: ألف وأربعمائة؛ تدمير: مائة وستة وخمسون؛ ربينة: مائة وستة؛ قلعة رباح وأوربط: ثلاثمائة وسبعة وثمانون. قال: ونفر من أهل قرطبة لهذه الغزوة عدد لم يوقف على قدره. وكان هذا العدد الذي غزا به بعد أن رفع الضريبة التي كانت على أهل قرطبة وأقاليمها وغيرها من البلاد؛ وقطع عنهم الحشود التي كانوا يؤخذون بتجديدها في كل سنة للصوائف الغازية لدار الحرب، وأسقطها منهم ووكلهم إلى اختيار أنفسهم في الطواعية للجهاد من غير بعث. فحسن موقع ذلك منهم، وتضاعف حمدهم له وشكرهم واغتباطهم بدولته.

وذكر جماعة من المؤرخين، عن بقى بن مخلد، أنه قال: ما كلمت أحدا من ملوك الدنيا أكمل عقلا ولا أبلغ فضلا من الأمير محمد. دخلت عليه يوما في مجلس خلافته؛ فافتتح الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ثم ذكر الخلفاء خليفة خليفة؛ فحلى كل واحد منهم بتحليته، ووصفه بصفته، وذكر مآثره ومناقبه بأفصح لسان وأبلغ بيان، حتى انتهى إلى نفسه؛ فسكت.

وفي صدر دولته سعى ببقى بن مخلد إلى الأمير محمد؛ وذلك أنه لما قدم بقى بن مخلد من المشرق عن رحلته الطويلة بما جمع من العلوم الواسعة والروايات العالية والاختلافات النقهية، أغاظ ذلك فقهاء قرطبة أصحاب الرأي والتقليد،

<<  <  ج: ص:  >  >>