للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها عذره عند كفرته، وأهل ملته؛ فناشبهم المسلمون الحرب، والتحم بينهم القتال؛ فهزم الله جموع المشركين، وانقبضوا إلى أعلى جبلهم، وتفرقوا في شعراء متصلة بهم. وبات أهل العسكر في مجلتهم. وانبسطت العلاقة في القرى؛ فانتسفت ما فيها. ثم انتقل الناصر إلى محلته بموضع يعرف بربية سرته، وهو يريد فلهرة. وتظاهر العلج بجموعه مرة ثانية في الموضع الذي كان مشرفا فيه، ومعتصما به؛ فتبادر إليه الفرسان؛ فانهزم أقبح انهزام. وقتل له رجال وعقرت له خيل.

وتنقل الناصر - رحمه الله - إلى حصن قلهرة؛ فألقاه خاليا، وأمر بهدمه ثم تنقل إلى حصن بلتميرة، وهو من حصون المسلمين المجاورة للمشركين؛ فعهد بادخار الأطعمة عندهم، وتفريق الأموال فيهم. واحتل بمدينة تطيلة. وكسر بها، وذلك يوم الأثنين لثلاث بقين من ربيع الآخر، ورحل عنها قافلا، وجعل مروره ببني ذي النون؛ وكان يحيى بن موسى قد استراب، وتوقف عن الجهاد، فدارت عليه معرة الجيش، حتى أذعن منقادا، وخرج خائفا وجلا، وتلقى أمير المؤمنين معترفا بذنبه؛ فأوسعه عفوه؛ وفعل مثل ذلك يحيى بن أبي الفتح ابن أخيه، ودخل أمير المؤمنين - رحمه الله - قرطبة يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الأولي، وقد استتم في غزاته هذه أربعة أشهر.

وفي سنة ٣١٣، كان غزاة أمير المؤمنين الناصر - رحمه الله - إلى كورة إلبيرة، ومنازلته حصن اشتين، وإستصلاحه الأحوال بكورة جيان وما والاها؛ فبرز - رحمه الله - لهذه الغزاة يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ٣١٣، وهو اليوم السابع من نيسان، وفصل غازيا يوم الخميس لثمان بقين من صفر، وهو اليوم السابع من أيار، وذلك بعد بروزه بإثنتين وأربعين يوما؛ وتخلف في القصر بقرطبة وليَّ عهده الحكم المستنصر بالله. ومن الوزراء أحمد بن محمد بن حدير، وعلى المدينة محمد بن عبد الله الخرَّوبي؛

<<  <  ج: ص:  >  >>