للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما القادر- الذي يمتنع افتقاره إلى من يعينه، وقدرته من لوازم ذاته الغنية عن أن يجعله غيره قادرا- فهذا مقدوره متميز مستقل" (١) ، ثم يقول: "و ... تعاونهما ممتنع لذاته، سواء قدر أن كلا منهما يقدر على الاستقلال أو قدر أنه لا يقدر على الاستقلال، وتمانعهما ممتنع لذاته.

وخلط أحد المفعولين بالآخر لا يخرج عن التمانع والتعاون؛ فإنه إن كان بمشيئة الآخر لزم التعاون، وإن كان بدون مشيئته لزم التمانع، وكلاهما ممتنع

في الربين المقدرين، وما لزم منه الممتنع [فهو ممتنع] .

فتبين أنه لو كان مع الله آلهة تخلق لذهب كل إله بما خلق، والموجود خلاف هذا؛ فإن العالم مرتبط بعضه ببعض، متعلق بعضه ببعض، ما من مخلوق إلا وهو متصل بغيره من المخلوقات، محتاج إليه مرتبط به " ثم قال بعد بيان كيف تحتاج المخلوقات إلى بعضها: " فتبين انتفاء اللازم في قوله تعالى: إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ" [المؤمنرن: ٩١] ، وحذف سبحانه نفي اللازم لظهوره ووضوحه؛ فإن ذهاب كل إله بمخلوقه، وانفراده به، استقلاله به: أمر يظهر بطلانه لعموم العقلاء، والمقدمات الظاهرة البينة لا يحتاج إلى ذكرها في البيان الفصيح، الذي هو طريقة القرآن " (٢) ، أي أنه لو كان معه إله لذهب كل إله بمخلوقاته، وهذا غير واقع، لأن العالم مرتبط بعضه ببعض، وليس هناك عالم مستقل عن هذا العالم، فدل على أن خالقه واحد (٣) .

أما اللازم الثاني: فقد دل عليه قوله "وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ" [المؤمنون: ٩١] ، يقول شيخ الإسلام: [وأما البرهان الثاني: وهو لزوم علو بعضهما على بعض، وذلك يمنع إلهية المغلوب، فإنه يمتنع أن يقدر أحدهما على عين مقدور الآخر؛ لأن ذلك يستلزم أن يكون ما فعله أحدهما يقدر الآخر أن يفعله، مع كونه فعل الأول.


(١) شرح الأصفهانية (ص: ١٢٤- ١٢٥) .
(٢) شرح الأصفهانية (ص: ١٢٦-١٢٧) - ت السعوي-.
(٣) انظر أيضا: المصدر السابق إلى (ص ١٣١) ، ودرء التعارض (٩/٣٥٩- ٣٦١) ، ومنهاج السنة (٣/٣١٥-٣١٧) - ط جامعة الإمام-.

<<  <  ج: ص:  >  >>