للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمتنع أن يكون كل منهما لا يقدر إلا إذا مكنه الآخر وأقدره، فإن ذلك يستلزم أن لا يكون أحدهما قادرا، فيمتنع أن يكون كل منهما قادرا على الاستقلال، ويمتنع أن يكونا قادرين على مفعول واحد، فيلزم حينئذ أن لا يوجد مفعول واحد، لا بطريق استقلال أحدهما ولا بطريق اشتراكهما فيه، وذلك يمنع أن يكون أحدهما قادرا.

وكذلك يمتنع أن يكونا متماثلين في القدرة، ة إنه إن أمكن كل منهما منع الآخر من الفعل، لزم امتناع الفعل، وانتفاء القدرة عن كل منهما، وإن لم يمكنه ذلك، لزم أن لا يكون قادرا على ما يقدر عليه الاَخر، إذا لو كان قادرا عليه لأمكنه فعله، وذلك ممتنع.

وإن لم يكن قادرا على ما يقدر عليه الاَخر، لم تكن قدرته مثل قدرته فإن المثلين هما اللذان يسد أحدهما مسد الآخر، ويقوم مقامه.

وإذا امتنع تماثل القدرتين، وجب كون أحدهما أقدر من الاَخر، وحينئذ فالأقدر الأقوى يغلب الأضعف، وهذا معنى قوله "وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ" [المؤمنون: ٩١] (١) ". والخلاصة أنه إذا قدر إلهان فلابد أن يكون أحدهما أقدر من الآخر، والأقدر لابد أن يعلو من هو دونه في القدرة، وإذا علا بعضهم على بعض فالعالي هو الإله القاهر المستقل بالفعل وحده (٢) .


(١) درء التعارض (٩/٣٦١) .
(٢) انظر: شرح الأصفهانية (ص: ١٣١-١٣٣) - ت السعوي-، ومنهاج السنة (٣/٣١٨-٣٢٥) - ط جامعة الإمام-.

<<  <  ج: ص:  >  >>