للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما أن يجعلوا جميع هذه المعاني قديمة أزلية، ويقولون: نزوله، ومجيئه، وإتيانه، وفرحه، وغضبه، ورضاه، ونحو ذلك: قديم أزلي، كما يقولون: إن القرآن قديم أزلي، ثم منهم من يجعله معنى واحدا، ومنهم من يجعله حروفا، أو حروفا وأصواتا قديمة أزلية، مع كونه مرتبا في نفسه ويقولون: فرق بين ترتيب وجوده وترتيب ماهيته" (١) .

وقوله: "ثم منهم من يجعله حروفا أو حروفا وأصواتا قديمة ... قصد به أقوال بعض الحنابلة الذين أرادوا موافقة شيوخهم الحنابلة في أن كلام الله حروف وأصوات، مع قولهم بأصل ابن كلاب والأشعري، والذي فرق بين ترتيب الوجود وترتيب الماهية هو ابن الزاغوني الذي قال: إن القرآن حروف وأصوات أزلية ثم ترتبت من حيث الوجود لا من حيث الماهية، وهو قول ساقط (٢) .

والتحليل السابق لشيخ الإسلام- وهو الخبر بالمذهب الأشعري- يبين كيف أن بعض الأشاعرة قد يجمع بين الإثبات لبعض الصفات مع اعتقاد الأصل الكلابي، والملاحظ أن الأشاعرة في بعض الصفاتء مثل الاستواء والنزول والمجيء يفسرونها بما يوافق القول الأول، أي أنهم يجعلونها من المفعولات المنفصلة عن الله تعالى. وفي مثل صفة الرضا والغضب يفسرونها بما يوافق القول الثاني، أي أنهم يجعلونها أزلية (٢) . ولذلك اشتهر عنهم القول بالموافاة ومعناه عندهم أن الله لم يزل راضيا عمن علم أنه يموت على الإيمان ولو عاش أغلب عمره كافرا، ولم يزل غاضبا على من علم أنه يموت على الكفر ولو عاش أغلب عمره مؤمنا.

٣- أما الصفات الخبرية، كالوجه واليدين والعين، واليمين، والقبضة، والساق، والقدم، والأصابع وغيرها. فقد اختلفت أقوال الأشاعرة فيها:

أ- فمتقدموهم يثبتونها في الجملة، فالوجه واليدان والعين يثبتها الأشعري (٤) ،


(١) شرح حديث النزول- مجموع الفتاوى (٥/٤١١) .
(٢) انظر: نونية ابن القيم (١/٢٨٧-٢٨٩) بشرح ابن عيسى، (١/١٢٢ -١٢٥) ، بشرح الهراس.
(٢) انظر ما سبق: (ص: ٤٢٠-٤٢١) .
(٤) انظر ما سبق: (ص: ٤٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>