للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى أن يترجم أسماؤه بغير العربية، أو يعبر باسم له معنى صحيح لم يكن ذلك محرما" (١) ، ويقول في موضع آخر بعد ترجيح ما ذكره في القول الثالث قال: "وإما إذا احتيج إلى الإخبار عنه مثل أن يقال: ليس هو بقديم ولا موجود، ولا ذات قائمة بنفسها، ونحو ذلك، فقيل في تحقيق الإثبات: بل هو سبحانه قديم، موجود، وهو ذات قائمة بنفسها، وقيل: " ليس بشيء" فقيل: بل هو شيء. فهذا سائغ وإن كان لا يدعى بمثل هذه الأسماء التى ليس فيها ما يدل على المدح كقول القائل: يا شيء ... " (٢) .

فهذا التفريق الدقيق الذي ذكره شيخ الإسلام بين الدعاء والإخبار هو الذي يفصل في الأمر، والمتكلمون إنما ذكروا بعض الأسماء التى لم ترد بسبب خوضهم في علوم الكلام واصطلاحات الفلاسفة فاضطروا إلى مجاراتهم حتى لا ينفوا عن الله ما هو ثابت له لأجل أنه اصطلاح حادث.

٢- من المسائل المشهورة في هذا الباب مسألة: هل الاسم هو المسمى أو غيره، والمعروف أن الجهمية حرصوا على تقرير أن الاسم غر المسمى ليسلم لهم مذهبهم الفاسد القائل بخلق القرآن. فقابلهم البعض فقالوا: بل الاسم هو المسمى، حتى لا يقال: إن أسماء الله غير الله، وهذا قول بعض المنتسبين إلى السنة.

وقد ذكر شيخ الإسلام عدة أقوال في هذه المسألة، وهي:

١) أن الاسم غير المسمى، وهذا قول الجهمية، الذين يقولون: إن أسماء الله غير الله، وما كان غير فهو مخلوق (٣) .

٢) التوقف والامساك عن إطلاق مثل هذه العبارات نفيا وإثباتا، وأن كلا من الإطلاقين بدعة، وقد ذكر هذا الخلال عن إبراهيم الحربي وغيره، وكما ذكره أبو جعفر الطبري في صريح السنة (٤) ، وعده من الحماقات.


(١) الجواب الصحيح (٣/٢٠٣) - ط المدني.
(٢) مجموع الفتاوى (٩/٣٠١) ، وانظر: درء التعارض (١/٢٩٧-٢٩٨) ، وبدائع الفوائد لابن القيم (١/١٨٢) .
(٣) انظر: المقالات للأشعري (ص: ١٧٢) .
(٤) (ص: ٢٦-٢٧) ، ونسب الأشعري هذا القول إلى بعض أصحاب ابن كلاب، المقالات (ص: ١٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>