للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: طرق إثبات هذه الصفات:

يوافق شيخ الإسلام متقدمي الأشعرية- كالأشعري والباقلاني وغيرهما- على إثبات هذه الصفات بالعقل (١) ، كما أنها ثابتة بالسمع، ومع ذلك فقد رد على الأشاعرة المتأخرين قي عدة أمور، منها:

أحدها: جعلهم القول في الصفات من الأصول العقلية، خلافا للأشعري وأئمة أصحابه الذين يحتجون عليها بالسمع كا يحتجون بالعقل (٢) .

الثاني: قول بعضهم "إن الصفات الثابتة بالعقل هي التي يجب الإقرار بها، ويكفر تاركها، بخلاف ما ثبت بالسمع، فإنهم تارة ينفونه وتارة يتأولونه ويفوضون معناه، وتارة يثبتونه لكن يجعلون الإيمان والكفر متعلقا بالصفات العقلية، فهذا لا أصل له عن سلف الأمة وأئمتها، إذ الإيمان والكفر هما من الأحكام التى تثبت بالرسالة. وبالأدلة الشرعية يميز بين المؤمن والكافر لا بمجرد الأدلة العقلية" (٣) ، وورى شيخ الإسلام أن قولهم إن أصول الدين هي التي تعرف بالعقل، ثم قولهم: إن المخالف لها كافر، مقدمتان باطلتان، والجمع بينهما تناقض لأن ما لا يعرف إلا بالعقل لا يعلم أن مخالفه كافر الكفر الشرعي، لأنه لم يرد في الشرع أن من خالف ما لا يعلم إلا بالعقل فهو كافر (٤) .

الثالث: تفريق بعض المتأخرين كالرازي والأصفهاني- صاحب العقيدة التي شرحها شيخ الإسلام- بين هذه الصفات السبع في طرق ثبوتها، حيث أثبتوا بعضها بالعقل، وبعضها بالسمع فقط، يقول شيخ الإسلام في شرح الأصفهانية: "لكن المصنف سلك في ذلك طريقة أبي عبد الله الرازي، فأثبت


(١) من الأمثلة على إثبات شيخ الإسلام الصفات السبع بالعقل ما ذكر في تفسير سورة العلق.
انظر: مجموع الفتاوى (١٦/٣٥٣-٣٥٥) . أما إثبات الأشاعرة لها فانظر ما سبق في الباب الماضي (ص: ٤١٩-٤٢٠، ٥٣٧) .
(٢) انظر: درء التعارض (٥/٣٢٨) .
(٣) مجموع الفتاوى (٣/٣٢٨) .
(٤) انظر: درء التعارض (١/٢٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>