للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يفوضه، وما لم يخبر به إن علمه بعقله آمن به وإلا فلا" (١) .

وهذا المنهج أثر على الأشاعرة في بقية الصفات التي دل عليها السمع ولكن عقولهم أو أصولهم العقلية خالفتها، فكانت النتيجة كما أشار شيخ الإسلام- النفي والإنكار، بالتأويل أو التفويض.

ومن الأدلة المشهورة على إثبات هذه الصفات لله تعالى، أن هذه الصفات من صفات الكمال، والعقل دل على اتصاف الله بصفات الكمال، وعلى نفي أضداده من النقائص، ومن الأدلة أيضا: أن كل كمال ثبت للمخلوق- إذا لم يكن فيه نقص بوجه ما- فالخالق أحق به، لأنه هو الذي خلقه (٢) .

ومع وضوح هذا الاستدلال إلا أن بعض الأشاعرة- كالجويني والرازي والآمدي- قالوا في إثبات صفات الكمال لله ونفي النقائص: إن ذلك لا يعلم إلا بالسمع الذي هو الإجماع (٣) ، وجعلوا الطريق الذي نفوا عنه ما نفوه إنما هو نفي مسمى الجسم، ونحو ذلك، يقول شيخ الإسلام عن هؤلاء إنهم:

"خالفوا ما كان عليه شيوخ متكلمة الصفاتية كالأشعري، والقاضي أبي بكر، وأبي إسحاق، ومن قبلهم من السلف والأئمة في إثبات السمع والبصر والكلام له بالأدلة العقلية فى إثبات هذه الصفات على مجرد السمع ويقولون: إذا كنا نثبت هذه الصفات بناء على نفي الآفات، ونفي الآفات إنما يكون بالإجماع الذي هو دليل سمعي، والإجماع إنما يثبت بأدلة سمعية من الكتاب والسنة، قالوا:

والنصوص المثبتة للسمع والبصر والكلام أعظم من الآيات الدالة على كون الإجماع حجة، فالاعتماد في إثباتها ابتداء على الدليل السمعي الذي هو القرآن

أولى وأحرى " (٤) .


(١) شرح الأصفهانية (ص: ٣٠- ٣١) - ت السعوي-، و (ص: ١٢) - ت مخلوف-.
(٢) انظر: شرح الأصفهانية (ص: ٨٥-٨٧) - ت مخلوف-. ودرء التعارض (٤/٧٦) ، ١٠/١٥٣-١٥٦) ، ومجموع الفتاوى (٦/٢٢٨) .
(٣) انظر: الإرشاد للجويني (ص: ٧٤) ، والأربعين للرازي (ص: ١٧٢-١٧٤) .
(٤) الرسالة الأكملية- مجموع الفتاوى (٦/٧٣-٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>