للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قول طائفة من الصفاتية من الكلابية والأشعرية، ومن وافقهم من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة، وهو قول طوائف من المعتزلة وغيرهم من نفاة الصفات، لكن هؤلاء يقولون: يعلم المستقبلات ويتجدد التعلق بين العالم والمعلوم، لا بين العلم والمعلوم.

وقد تنازع الأولون: هل له علم واحد أو علوم متعددة؟ على قولين:

والأول قول الأشعري وأكثر أصحابه، والقاضي أبي يعلى وأتباعه، ونحو هؤلاء.

والثاني قول أبي سهل الصعلوكي.

والقول الثاني: أنه لا يعلم المحدثات إلا بعد حدوثها، وهذا أصل قول القدرية الذين يقولون: لم يعلم أفعال العباد إلا بعد وجودها وأن الأمر أنف، لم يسبق القدر لا شقاوة ولا سعادة، وهم غلاة القدرية ... .

والقول الثالث: أنه يعلمها قبل حدوثها، ويعلمها بعلم آخر حين وجودها" (١) . وهذا قول السلف، وهو قول أبي البركات صاحب المعتبر من الفلاسفة، وقول الرازي في المطالب العالية، وهو مخالف لما ينسب إلى الجهم الذي يقول بتجدد علم قبل الحدوث، والذي في القرآن أن التجدد يكون بعد الوجود (٢) . يقول شيخ الإسلام: "لا ريب أنه يعلم ما يكون قبل أن يكون، ثم إذا كان: فهل يتجدد له علم آخر؟ أم علمه به معدوما هو علمه به موجودا؟

هذا فيه نزاع بين النظار" ثم قال عن القول الأول- وهو أنه يتجدد له علم آخر- "واذا كان هو الذي يدل عليه صريح المعقول، فهو الذي يدل عليه صحيح المنقول، وعليه دل القرآن في أكثر من عشر مواضع، وهو الذي جاءت به الآثار عن السلف " (٣) .


(١) رسالة في تحقيق علم الله جامع الرسائل (١/١٧٧-١٧٩) - ت رشاد سالم-
(٢) انظر: المصدر السابق (١/١٧٩- ١٨١) .
(٣) درء التعارض (١٠/١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>