للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصلي في مسألة الصفات الاختيارية التي تقوم بالله، وهم لما التزموا نفي ذلك في صفات الفعل كالاستواء والمجيء والغضب والرضا وغيرها، أثر ذلك في إثباتهم لهذه الصفات السبع.

بقي في مسألة الارادة أن شيخ الاسلام في شرحه لمذهب أهل السنة في الإرادة لما ذكر الفرق بين الإرادة القدرية الشاملة السابقة، وإرادة فعل الشيء في وقته ذكر العزم والقصد، ثم ذكر أن هناك خلافا في العزم، هل يوصف الله به على قولين:

أحدهما: المنع، كقول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى.

والثاني: الجواز.

ثم قال عن الثاني "وهو أصح، فقد قرأ جماعة من السلف: "فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" [آل عمران: ١٥٩] بالضم (١) ، وفي الحديث الصحيح من حديث أم سلمة "ثم عزم الله لي" (٢) ، كذلك في خطبة مسلم: " فعزم لي" (٣) ، وسواء سمى عزما أو لم يسم فهو سبحانه إذا قدرها علم أنه سيفعلها


(١) قراءة الجمهور بفتح التاء من "عزمت"، وقرأ جابر بن زيد، وأبو نهيك، وعكرمة وجعفر ابن محمد- بضم التاء-، انظر: الدر المنثور (٢/٣٦٠) - ط دار الفكر-، وتفسير ابن عطية: المحرر الوجيز (٣/٢٨١) ، وتفسر القرطبى (٤/٢٥٢) ، والبحر المحيط (٣/٩٩) ، وإعراب القرآن للنحاس (١/٤١٦) ، والمحتسب لابن جني (١/١٧٦) ، ومختصر في شواذ القرآن لابن خالويه (ص:
٢٣) ، والتبيان للعكبري (١/٣٠٥-٣٠٦) . وغيرها. وقد ذكر السيوطي أن قراءة جابر بن زيد وأبي نهيك أخرجها ابن أبي حاتم.
(٢) رواه مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة، ورقمه (٩١٨) مكرر.
(٣) الذي في مقدمة صحيح مسلم (١/٤) - ط عبد الباقي- "أن لو عزم لي عليه" وكذا في طبعات مسلم الأخرى. وفد نفى هذه الصفة النووي في شرحه لمسلم (١/٤٦، ٦/٢٢١-٢٢٢) ، وذكر أقوالا قي تأويلها، وشيخ الإسلام استشهد بقول مسلم هنا لبيان أن أئمة السلف يقولون به، ومسلم قصد أن لو عزم الله لي، قال المازري في المعلم: "لا يظن بمسلم أنه أراد لو عزم الله عليه، لأن إرادة لله سبحانه لا تسمى عزما ... " (ص: ١٠٢) ، وهذا بناء عل مذهب بعض الأشاعرة، وقد رد عليه ابن الصلاح قائلا: ليس ذلك كما قال، ثم استشهد بحديث أم سلمة، وذكر وجهين في معنى العزم، انظر: صيانة صحيح مسلم (ص: ١١٦-١١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>