للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي موضع آخر يذكر الخلاف في المشيئة والإرادة هل هي قديمة أو حادثة ويذكر أن للصفاتية في ذلك ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها ليست إلا قديمة، وهو قول ابن كلاب والأشعري وأتباعهما.

الثاني: أنها حادثة.

الثالث: أنها قديمة وحادثة، وهو قول طوائف من الكرامية وأهل الحديث والصوفية وغيرهم، وهؤلاء يقولون: إن الله متكلم في الأزل، وأنه يتكلم إذا

شاء، كما صرح بذلك الأئمة كأحمد وغيره (١) .

فالأشاعرة والكلابية جعلوا الإرادة واحدة قديمة، وإنما يتجدد تعلقها - بالمراد، ويشبه هذا مذهبهم في الخلق حين قالوا الفعل هو المفعول، حتى لا يقولوا

بحلول الحوادث.

وقد رد شيخ الإسلام على الأشاعرة في قولهم السابق فقال: " وكثير من العقلاء يقول: ان هذا فساده معلوم بالاضطرار، حتى قال أبو البركات: ليس في العقلاء من قال بهذا، وما عَلِمَ أنه قول طائفة كبيرة من أهل النظر والكلام.

وبطلانه من جهات: من جهة جعل إرادة هذا غير إرادة ذاك، ومن جهة أنه جعل الإرادة تخصص لذاتها، ومن جهة أنه لم يجعل عند وجود الحوادث شيئا حدث حتى تخصص أو لا تخصص، بل تجددت نسبة عدمية، ليست وجودا، وهذا ليس بشيء. فلم يتجدد شيء، فصارت الحوادث تحدث وتتخصص بلا سبب حادث ولا مخصص " (٢) .

فالأشاعرة جعلوا الإرادة واحدة، كا جعلوا العلم واحدا، حتى لا يقولوا بتجدد العلم والإرادة (٣) . ولاشك أن مشكلة الأشاعرة هنا مرتبطة بمذهبهم


(١) انظر: رسالة في تحقيق مسألة علم اللهـ جامع الرسائل (١/١٨٢) .
(٢) مجموع الفتاوى (١٦/٣٠٢) .
(٣) انظر: درء التعارض (٢/١٧٢) ، وشرح الأصفهانية (ص: ٢٧) - ت مخلوف-

<<  <  ج: ص:  >  >>