للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- صفة الأرادة (١) :

ساق شيخ الإسلام الخلاف في الإرادة للشيء وفعله، في مثل قوله تعالى: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" [يونس: ٨٢] ، وقوله: "فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا" [الكهف: ٨٢] وقوله: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [الإسراء: ١٦] وقوله: "وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ" [يونس: ١٠٧] فقال: "وهو سبحانه إذا أراد شيئا من ذلك فللناس فيها أقوال:

قيل: الإرادة قديمة أزلية واحدة، وإنما يتجدد تعلقها بالمراد، ونسبتها إلى الجميع واحدة، ولكن من خواص الإرادة أنها تخصص بلا مخصص، فهذا قول ابن كلاب والأشعري ومن تابعهما ... .

والقول الثاني: قول من يقول بإرادة واحدة قديمة، مثل هؤلاء، لكن يقول تحدث عند تجدد الأفعال إرادات في ذاته بتلك المشيئة القديمة، كما تقوله الكرامية وغيرهم ... .

والقول الثالث: قول الجهمية والمعتزلة الذين ينفون قيام الإرادة به، ثم إما أن يقولوا بنفي الإرادة، أو يفسرونها بنفس الأمر والفعل، أو يقولوا بحدوث إرادة لا في محل كقول البصريين ... .

والقول الرابع: أنه لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة، فنوع الإرادة قديم، وأما إرادة الشىء المعين فإنما يريده في وقته، وهو سبحانه يقدر الأشياء ويكتبها، ثم بعد ذلك يخلقها، فهو إذا قدرها علم ما سيفعله، وأراد فعله في الوقت المستقبل، لكن لم يرد فعله في تلك الحال، فإذا جاء وقته أراد فعله، فالأول عزم، والثاني قصد" (٢) .


(١) أدلتها من القرآن والسنة كثيرة، وانظر: دليلها من العقل في شرح الأصفهانية (ص: ٢٦) - ت مخلوف-.
(٢) مجموع الفتاوى (١٦/٣٠١-٣٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>