للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يسمع التحاور- والتحاور تراجع الكلام- بينها وبين الرسول، قالت عائشة: "سبحان الذي وسع سمعه الأصوات لقد كانت المجادلة تشتكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في جانب البيت وإنه ليخفى على بعض كلامها فأنزل الله: "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا" [المجادلة: ١] (١) . وقال تعالى لموسى وهارون: "لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى" [طه: ٤٦] وقال: "أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ" [الزخرف: ٨٠] " (٢) .

فالله تعالى إذا خلق العباد فعلموا وقالوا، فلابد من القول أنه تعالى يرى أعمالهم ويسمع أقوالهم، ونفى ذلك تعطل لهاتين الصفتين، وتكذيب لنصوص القرآن (٣) . خاصة وأن فهم هؤلاء الأشاعرة لصفة السمع والبصر ليس هو فهم السلف- الذي يقولون إنه يطلق بمعنى ما به يسمع ويبصر- بل يفسرونهما بمجرد الإدراك فقط.

وقد بين شيخ الإسلام في رده على الأشاعرة أن بعض أئمتهم كالرازي اعترفوا بأنه لا مانع من التزام القول بحلول الحوادث هنا، وهذا نموذج لمنهج شيخ الإسلام العام في رده على الأشاعرة حين يذكر ردود بعضهم على بعض - وقد سبق تفصيل ذلك في منهجه العام في رده عليهم-.


(١) رواه أحمد (٦/٤٦) ، والبخاري تعليقا في كتاب التوحيد، باب وكان الله سميعا بصيرا (الفتح ١٣/٣٧٢) ، ووصله ابن حجر في تغليق التعليق (٥/٣٣٩-٣٣٩) وصححه ورواه ابن ماجه في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، ورقمه (١٨٨) ، والنسائي كتاب الطلاق، باب الظهار، ورقمه (٣٤٦٠) - ترقيم أبي غدة-، والحاكم في المستدرك (٢/٤٨١) ، وصححه ووافقه الذهبي، وابن أبي عاصم في السنة رقم (٦٢٥) ، وحسنه الألباني في الظلال، والبيهقي في السنن الكبرى- كتاب الظهار، باب سبب نزول آية الظهار (٧/٣٨٢) ، وابن جرير في تفسيرهـ سورة المجادلة- آية (١) . والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه، وفي إرواء الغليل (٧/١٧٥) .
(٢) الرد على المنطقيين (ص: ٤٦٥) .
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٦/٢٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>