للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القسم فلم لا يجوز أن يكون محدثا في ذاته على ما هو مذهب الكرامية.

وقوله: يلزم أن يكون محلا للحوادث، قلنا: إن عنيتم حدوث هذه الصفات في ذاته تعالى بعد أن لم تكن حادثة فيها (١) فهذا هو المذهب، فلم قلتم: إنه محال، وإن عنيتم شيئا آخر فبينوه لنتكلم عليه، وهذا هو الجواب عن قوله: يلزم وجود التغير في ذات الله. قال شيخ الإسلام معلقا على قول الرازي هذا: " قلت: وقد اعترف في هذا الموضع بضعف الجواب الأول، وذلك أن قول القائل: صفة متهيئة لدرك ما عرض عليه ... عند وجود هذا الدرك هل يكون سامعا مبصرا لما لم يكن قبل ذلك سامعا له مبصرا، أم لا يكون، فإن لم يكن كذلك لزم نفي أن يسمع ويبصر، وإن كان سمع ورأي ما لم يكن سمعه ورآه فمن المعلوم بالاضطرار أن هذا أمر وجودي، قائم بذات السامع والرائي، وأنه ليس أمرا عدميا، ولا واسطة بين الوجود والعدم" (٢) .

فالأشاعرة فسروا السمع والبصر بالإدراك، ثم جعلوه ثابتا في العدم، ثم قالوا إنه لا يتعلق إلا بالموجود، وجعلوا تعلقه بالموجود عدماً محضاً، وهذه أقوال فاسدة (٣) . ولاشك أن اعتراف الرازي مهم جدا لأنه بين إلى أي حد كانت قناعة الأشاعرة بمنهجهم في إثباتهم لهذه الصفات.

هذا هو مذهب الأشاعرة فيما أثبتوه من الصفات، ومنه يتبين أثر مذهبهم فيما نفوه منها على ما أثبتوه، إضافة إلى وجود التناقض أحيانا في أقوالهم، كاستدلالهم على صفة العلم بالإحكام والإتقان، مع أنهم ينكرون الحكمة والتعليل في أفعال الله (٤) .


(١) الذي في نهاية العقول ١٦١-أ: "في ذاته بعد أن يكون حادثا فيها".
(٢) التسعينية (ص:٢٠٢-٢٠٣) .
(٣) انظر: المصدر السابق (ص: ٢٠٣) .
(٤) انظر: النبوات (ص: ٣٥٧-٣٥٨) - ط دار الكتب العلمية-.

<<  <  ج: ص:  >  >>