للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد وجوده هو نفس علمه به قيل وجوده قول غير صحيح، والدليل على ما قصده ابن تيمية أن الرازي في غالب كتبه سار على طريقة الأشاعرة في أن علم الله واحد لا يتغير مع وجود المعلوم (١) ، إلا أنه في صفة السمع والبصر لم يحتج بالعلم، بل اعترف بضعف جواب المعترضين وقال: إن قول الكرامية بحلول الحوادث ليس محالا.

وذلك أن شيخ الإسلام قال بعد الكلام السابق: "وقد ذكر هذا الإلزام أبو عبد الله الرازي والتزم قول الكرامية، بعد أن أجاب بجواب ليس بذاك؛ فإن المخالف احتج عليه بأن السمع والبصر يمتنع أن يكون قديما لأن الإدراك لابد له من متعلق، وهو لا يتعلق بالمعدوم، فيمتنع ثبوت السمع والبصر للعالم قبل وجوده، إذ هم لا يثبتون أمرا في ذات الله به يسمع ويبصر، بل السمع والبصر نفس الإدراك عندهم، ويمتنع أن يكون حادثا لأنه يلزم أن يكون محلا للحوادث، ويلزم أن يتغير وكلاهما محال، وقال- أي الرازي- في الجواب (٢) : "لم لا يجوز أن يكون الله سميعا بصيرا بسمع قديم وبصر قديم، ويكون السمع والبصر يقتضيان التعلق بالمرئي والمسموع بشرط حضورهما ووجودهما، قال: وهذا هو المعنّي بقول أصحابنا في السمع والبصر: إنه صفة متهيئة لدرك ما عرض له، فإن قال قائل: فحينئذ يلزم تجدد التعلقات. قلنا: وأي بأس بذلك إذا لم يثبت أن التعلقات أمور وجودية في الأعيان (٣) ، فهذا هو تقرير المذهب، ثم [لئن (٤) ] سلمنا فساد


(١) وإن كان قد مال في بعض كتبهـ كالمطالب العالية، وشرح الإشارات- إلى جواز التغير، فإنه قال في شرح الإشارات (١/٧٦) : بأن التغير في العلم تغير في الإضافة وذلك غير ممتنع، وقال في المطالب العالية (عن الزركان ص: ٣٠٩) : "المذهب الصحيح هو قول أبي الحسين البصري وهو أن يتغير العلم عند تغير المعلوم".
(٢) في نهاية العقول ١٦٠- ب.
(٣) في مخطوطة نهاية العقول: "إذا لم يثبت التعلقات أمورا وجردية في الأعيان. نهاية العقول - ١٦٠- ب ٢٦١ أ.
(٤) في مطبوعة التسعينية (لأن) والتصويب من نهاية العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>