للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوجبت كونه عالما، وكونه عالما حال معللة بالعلم، فعند هؤلاء أن ثبوت الصفات يستلزم ثبوت الأحوال، وإثبات الملزوم يقتضي ثبوت اللازم، ولذلك فهم يثبتون ذاتا توجب أن يكون عالما ولولاها لما كان عالما، فهذه الأحوال زائدة في الخارج على الصفات.

أما منكرو الأحوال من مثبتة الصفات فإنهم يقولون: معنى العلم هو معنى العالم، فعلمه هو كونه عالما، وقدرته هو كونه قادرا، ليس هناك أمران ولا علة ولا معلول، ولا يثبتون ذاتا أوجبت كونه عالما (١) .

ولا شك أن أكبر دليل على ضعف قول هؤلاء الذين يثبتون الأحوال هو صعوبة فهم هذه الحال التي قالوا بها، وحينما يقولون: العالمية حال معللة بالعلم، فيجعلون العلم يوجبه حال آخر ليس هو العلم، بل هو كونه عالما (٢) ، فهذا يصعب فهمه، ولذلك قيل: إن من الأشياء التي لا حقيقة لها أحوال أبي هاشم.

ولذلك كان مذهب الأشعري نفسه ومحققي الأشاعرة هو نفي الأحوال، وإليه رجع الجويني في آخر عمره (٣) .

وشيخ الإسلام لم يعر هذه المسألة كبير اهتمام، ولعل سبب ذلك والله أعلم؛ قلة القائلين بها ومخالفة الجمهور لهم، إضافة إلى تهافت قول أصحابها،

ومع ذلك فقد عرض لها من ناحيتين:

الأولى: أن بعض (٤) القائلين بها من الصفاتية قد تابعوا أبا هاشم الجبائي في قوله إن الحال لاموجودة ولامعدومة (٥) ، ولاشك أن هذا قول مخالف


(١) انظر: درء التعارض (٥/٣٥-٣٩، ١٠/٢٣٤) .
(٢) انظر: منهاج السنة (٢/٣٨٧) - المحققة- ط مكتبة دار العروبة.
(٣) انظر: التسعينية (ص: ٢٢٣) .
(٤) كالجويني، أما الباقلاني فقد سبق بيان أنه خالف أبا هاشم في قوله: إنها لا موجودة ولامعدومة. انظر: (ص: ٥٣٩، ٦٠٨) .
(٥) انظر: درء التعارض (٩/٣٩٥) ، والرد على المنطقيين (ص: ١٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>