للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبويع من هناك وكان ممن بايعه عبد الحليم بن تيمية (١) . أما الثاني: فهو ما قاله الخليفة العباسى المستنصر في خطته الأولى فإنه قال بعد مدحه للظاهر في إحيائه للخلافة العباسية، وبعد حثه على العدل والجهاد في سبيل الله، قال: " وبك يرجى أن يرجع مقر الخلافة إلى ما كان عليه في الأيام الأولى، فأيقظ لنصرة الاسلام جفنا ما كان غافيا ولا هاجعا، وكن في مجاهدة أعداء الله إماما متبوعا لا تابع ... " (٢) ومقر الخلافة بغداد، وبعد وقت قصير سار الخليفة والسلطان إلى الشام فلما وصلا إلى دمشق جهز السلطان الخليفة ومعه الأمراء والجند، وسار الخليفة جهة العراق، وكان الظاهر يريد أن يبعث معه عشرة آلاف فارس حتى يستقر ببغداد، ولكن بعض الأمراء أشار إليه أن لا يفعل وقالوا: إن الخليفة إذا استقر أمره ببغداد نازعك وأخرجك من مصر، فلم يخرج مع الخليفة إلا قوة صغيرة لا تتناسب ومستوى المهمة، ولذلك سرعان ما قضى عليه سنة ٦٦٠ هـ وبعد ذلك عزم الظاهر على إعادة الخلافة مرة أخرى فأعادها سنة ٦٦١ هـ، وتولى الخلافة أحمد الحاكم بأمر الله، ولكن بقي الخليفة في القاهرة ولم يسمح له بمغادرتها.

٢- ومن الأسباب التى دعت المماليك إلى إحياء الخلافة الاسلامية كونهم مماليك وأن أصلهم غير حر ولعل حادثة بيعهم أيام نجم الدين أيوب على يد العز ابن عبد السلام (٣) لم تكن غائبة غن أذهانهم وأذهان الناس- لذلك وحتى يضفوا الشرعية على ملكهم وسلطانهم عمدوا إلى إحياء الخلافة، وأنهم ليسوا إلا تابعين للخليفة. ولما كان شرط القرشية سائدا لم يجرؤ المماليك إلى نسبها إلى أنفسهم وإنما عينوا خليفة عباسيا.


(١) انظر: تاريخ الخلفاء (ص: ٧٦٠) ، وانظر: النجوم الزاهرة (٧/١١٥-١١٦) .
(٢) الروض الزاهر (ص: ١٠٨) ، والسلوك (١/٤٥٦) ، وهذه البيعة حضرها القضاة والأمراء وعلى رأسهم العز بن عبد السلام- الذى يقال: إنه أول من بايع الخليفة- وتاج الدين بن بنت الأعز قاضي القضاة الذى أثبت بشهادة الشهود ثبوت نسب الخليفة إلى بني العباس، وانظر: حسن المحاضرة (٢/٥٣) ، والبداية والنهاية (١٣/٢٣١) ، ومما يلحظ أنه في سنة ٦٩٠ هـ خطب الخليفة العباسي في مصر في إحدى المناسبات أمام السلطان وحض في خطبته على انتزاع العراق من التتار. الخطط (٢/٣٨١) .
(٣) انظر: طبقات الشافعية للسبكي (٨/٢١٦-٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>