للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وهناك سبب آخر وهو أن بعض الدول المجاورة للمماليك لقبوا أميرهم بلقب الخليفة - بعد سقوط بغداد - ومن أبرز هذه الدول الدولة الحفصية في تونس (١) ، فحرص المماليك على قطع الطريق على أولئك لينالوا وحدهم المفخرة والشرعية فسارعوا إلى إعلان الخلافة عندهم في القاهرة.

وعلى الرغم من ان الخلافة كانت شكلية، إذ ليس للخليفة حول ولا قوة إلا ان هذه الخطوة لم تخل من آثار لعل أهمها:

أ - عودة الخلافة السنية كان بمثابة دعم قوي لما فعله نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي من إزالة الخلافة الفاطمية في مصر وإقامة دولة سنية، والقضاء على الفاطميين وإن كان قد مر عليه زمن طويل إلا أن هناك محاولات عديدة قام بها أفراد أو طوائف باطنية تدين بالولاء للدولة الفاطمية ومذهبها الباطني وذلك للعودة إلى الخلافة الشيعية، ومن هذه المحاولات ما فعله ابن العلقمي - في سقوط بغداد - الذي كان يطمع من خلال تعاونه وممالأته للتتار أن يقيم حاكما علويا بدل الخليفة العباسي السني، ولكنه فشل (٢) .

ومنها ما قام به رجل شيعي يعرف بالكوراني - نسبة إلى كوران من قرى إسفرايين - حين أظهر الزهد والورع، وأخذ يجمع حوله بعض خدم السلطان ويحرضهم على الخروج ضد المماليك ليتولى بدلهم حاكم شيعي، ثم ثاروا وشقوا القاهرة وهم ينادون: ياآل علي وفتحوا دكاكين السيوفيين وأخذوا مافيها من سلاح


(١) ينتسب بنو حفص إلى أبي حفص عمر رئيس قبيلة هتتانة البربرية، وكانوا في الأصل أتباعا للموحدين، وفي سنة ٦٢٥هـ أعلن أبو زكريا الحفصي استقلاله، فبدأت الدولة الحفصية التي استمرت إلى أن سقطت تونس بأيدي العثمانيين سنة ٩٨٢هـ، والذي بويع له بالخلافة من قبل شريف مكة [ويلاحظ أن الذي قام بإقناع الشريف كما قام بكتابة الولاية بن سبعين الصوفي صاحب القول بوحدة الوجود والذي فر من تونس إلى مكة لما أنكر عليه العلماء ورموه بالكفر والفسق] هو أبو عبد الله المستنصر الذي تولى سنة ٦٤٧هـ، وفي سنة ٦٥٧هـ وصلت بيعة شريف مكة له فسمي بأمير المؤمنين، ولكن الأمور اضطربت في عهده، ولذلك لم يعترف مؤرخو الإسلام - خاصة المشرق - بهذه الخلافة، وإنما اعترفوا بخلافة القاهرة. انظر العبر لابن خلدون (٦/٦٣٤) ، ط بيروت، والأدلة البينة النورانية لابن الشماع (ص:٥٧) ، وكتاب السلطنة الحفصية (ص:١٨٨) وما بعدها.
(٢) سبق قريبا عند الكلام عن المغول وسقوط بغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>