للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر شيخ الإسلام أدلة الآمدي الثانية على نفي الجسم والجوهر - أربعة للجسم وأربعة للجوهر - وناقشها كلها وبين ما فيها من الفساد (١) . وذكر في الوجه الرابع من الأوجه المختصة بالجسم ما يتعلق بذلك من التركيب، وذكر وجهين في ذلك ناقشهما أيضاً شيخ الإسلام (٢) ، مبينا أن استلزام الذات للوازمها من الصفات لازم لجميع الطوائف، متفلسفة، ومعتزلة وأشاعرة، سواء سمى ذلك تركيباً أو لم يسم، أو سمي افتقاراً أو لم يسم (٣) .

٤- ومن حجج نفاة التركيب المشهورة: أن المركب مفتقر إلى جزئه، وهو محال على الله، وقد بين شيخ الإسلام ما في لفظ "الافتقار" من الإجمال فقال: "ولفظ الافتقار هنا. أن أريد به افتقار المعلول إلى علته كان باطلا، وإن أريد به افتقار المشروط إلى شرطه - فهذا تلازم من الجانبين، وليس ذلك ممتنعا. والواجب بنفسه يمتنع أن يكون مفتقرا إلى ما هو خارج عن نفسه، فأما ما كان صفة لازمة لذاته، وهو داخل في مسمى اسمه فقول القائل: إنه مفتقر إليها، كقوله: إنه مفتقر إلى نفسه، فإن القائل إذا قال: دعوت الله، أو عبدت الله، كان اسم "الله" متناولا للذات المتصفة بصفاتها، ليس اسم "الله" اسما للذات مجردة من صفاتها اللازمة لها.

وحقيقة ذلك أن لا تكون نفسه إلا بنفسه، ولا تكون ذات إلا بصفاته، ولا تكون نفسه إلا بما هو داخل في مسمى اسمها، وهذا حق. ولكن قول القائل: إن هذا افتقار إلى غيره، تلبيس، فإن ذلك يشرع أنه مفتقر إلى ما هو منفصل عنه، وهذا باطل (٤) ولفظ الافتقار مثل لفظ الغير، ومثل لفظ الانقسام والجزء والتحيز وغيرها كلها ألفاظ مجملة، محتملة للحق والباطل. وتسمية الحق باسم الباطل لا ينبغي أن يؤدي إلى ترك الحق، بل لا بد من الاستفصال (٥) .


(١) انظر: درء التعارض (٤/١٤٩-٢٣١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٤/٢١٩) وما بعدها، (٤/٢٤٥) وما بعدها.
(٣) انظر: المصدر نفسه (٤/٢٢١-٢٢٢) .
(٤) انظر: المصدر نفسه (١/٢٨٢) .
(٥) انظر: المصدر نفسه (٦/٢٩٦-٢٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>