للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الأمر كذلك كان الأولى أن يكون الفيصل في ذلك التزام ما أورده الشارع في الصفات، والسكوت عما سكت عنه، والتفريق في الأسماء الحسنى بينا ما يخبر عنه، وما يدعي به (١) .

وأما من ناحية المعنى: فإن النزاع بين مثبتة الجوهر والجسم، ونفاته يقع في ثلاثة أشياء:

الأولى: في تماثل الأجسام والجواهر، على قولين. فمن قال إنها متماثلة، قال كل من قال بها قال بالتجسيم. ومن قال إنها غير متماثلة لم يلزمه ذلك.

فالذين ألزموا من قال بالتجسيم بأنهم مشبهة بناء على اعتقادهم أن الأجسام متماثلة. لكن هذا لا يلزم أولئك لأنهم يقولون إنها غير متماثلة، ولا يجوز إلزامهم بما لم يلتزموه.

والثاني: أنهم تنازعوا في مسمى الجسم - كما سبق - وكل من فسر الجسم بتفسير - ككونه مركبا من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة - ألزم من قال بالجسم بالتفسير الذي قصده هو، لكن خصمه ينفي هذا المعنى الذي فسر به الجسم كما ينفي اللزوم الذي ألزمه به. بل قد يكون في المجسمة من يقول: إنه جسم مركب من الجواهر المنفردة، ويقول لا دليل على نفي ذلك ولا على امتناعه.

الثالث: وهناك نزاع في أمور أخرى، مثل كونه تعالى فوق العالم، أو كونه ذا قدر، أو كونه متصفا بصفات قائمة به. فنفاتها يقولون لا تقوم هذه إلا بجسم، والمعارضون لهم من المثبتة ينازعونهم في انتفاء هذا المعنى الذي سموه جسما، وهم إما أن يقولوا: لا يلزم منها التجسيم، أو يقولوا بها وإن لزم التجسيم (٢) .


(١) انظر: درء التعارض (٤/١٣٩-١٤٠) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٤/١٤٧-١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>