للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه يحتج بها بعينها على نفي لوازم علوا الله على خلقه، بل ما يستلزم تعطيل ذاته، فيجعلها حجة فيما يستلزم التعطيل، ويبطلها إذا احتج على التوحيد" (١) .

هـ - والفخر الرازي رد على الفلاسفة في مسألة التركيب، وبين أنه حتى قولهم بالصور العقلية فيه تركيب. وقد أيده شيخ الإسلام مع بيانه أن الرازي لم يجب عن شبهة التركيب وبيان فسادها (٢) .

ومن خلال الأمثلة السابقة يتبين كيف أن مسألة التجسيم أو التركيب عند هؤلاء ليست من الأمور العقلية الثابتة والمستقرة الواضحة - ولذلك يرد بعضهم على بعض، بل يتناقض الواحد منهم في كلامه - وإنما هي شبه تلقفوها عن أسلافهم من الفلاسفة والمعتزلة، وصاروا يحتجون بها على ما يريدون نفيه من العلو أو الصفات.

٣- أما حجج الأشاعرة على نفي الجسم: فإن شيخ الإسلام قد بين أولا ما في ذلك من الإجمال والاشتباه، وأن النزاع بين مثبتيه ونفاته من ناحية اللفظ، ومن ناحية المعنى.

أما من ناحية اللفظ: فقد رد شيخ الإسلام على الآمدي وغيره حين منعوا من إطلاق لفظ الجسم والجواهر، مع أنهم يطلقون أيضاً لفظ: قديم، وواجب الوجود، وذات، وغيرها مما لم يرد به الشرع، فكما أنه من نازع الأشعري في إثبات قدم الباري أو وجوب وجوده، قال رادا عليه مخبرا عما يستحقه: إن الله قديم واجب الوجود، فكذلك بعض مثبتة الصفات، إذا نفي أحد الصفات عن الله ضمن نفيه للجسم أو الجوهر فإنه يقول رادا عليه: إنه جسم أو جوهر.

وهذا مثل لفظ قديم، وواجب الوجود، وذات. سواء بسواء.


(١) انظر: درء التعارض (٤/٢٥٢) .
(٢) انظر: شرح الأصفهانية (ص: ٧٠-٧١) - ت السعوي، وانظر: درء التعارض (٦/٢٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>