للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يهديهم سبيلا، ولو كان مجرد كونه ذا بدن عيبا ونقصا لذكر ذلك، فعلم أن الآية تدل علىنقص حجة من يحتج بها على أن كون الشيء ذا بدن عيبا ونقصا. وهذه الحجة تطير احتجاجهم بالأقوال فإنهم غيروا معناه في اللغة، وجعلوه الحركة، فظنوا أن إبراهيم احتج بذلك على كونه ليس رب العالمين، ولو كان كما ذكروه لكان حجة عليهم لا لهم" (١) .

ث أن الله ذكر أن العجل كان جسدا، وأن له خوارا، والخوار هو الصوت، وخوار الثور صوته، فلو كان الصوت لبيان نقصه لذكره مع الجسد، ولبطل الاستدلال بآخر الآية وهي قوله {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ} ، فإن تكليمه لو كلمهم لكان بصوت يسمعونه.

فعلم أن التصويت لم يكن صفة نقص فكذلك ذكر الجسد. فصارت الآية دالة على نقيض قولهم. وهذا واضح.

ج "أن الله تعالى ذكر عن الخليل - - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} (مريم: من الآية٤٢) ، وقال تعالى: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (الشعراء: من الآية ٧٢-٧٤) فاحتج على نفي إلهيتها بكونها لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، مع كون كل منهما له بدن وجسم، سواء كان حجراً أو غيره.

فلو كان مجرد هذا الاحتجاج كافياً لذكره إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، بل إنما احتجوا بمثل ما احتج الله به من نفي صفات الكمال عنها: كالتكلم والقدرة والحركة وغير ذلك (٢) ".

و"أنه إذا كان كل جسم جسدا، وكل ما عبد من دون الله تعالى من الشمس والقمر والكواكب والأوثان وغير ذلك: أجساما، وهي أجساد فإن كان الله ذكر هذا في العجل لينفي به عنه الإلهية: لزم أن يطرد هذا الدليل


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٥/٢٢٠) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٥/٢٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>