للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا بد له من مخصص يخصصه بما يخصص به. ثم قالوا: كل مفتقر إلى المخصص فهو محدث وبيان ذلك أن المخصص لا بد أن يكون فاعلا مختارا، وأن يكون ما يخصصه حادثا (١) .

وغرضهم من هذا الدليل أن يقولوا: إن اختصاص الله تعالى بجهة العلو، والاستواء، وأنه مباين للعالم، يفتقر إلى مخصص، وهو محال على الله.

وقد رد عليهم شيخ الإسلام من خلال ما يلي:

١- أن الآمدي نفسه - الذي أورد هذا الدليل - قد ضعفه فقال: "وهذا المسلك ضعيف أيضاً، إذ لقائل أن يقول: المقدمة الأولى وإن كانت مسلمة غير أن المقدمة الثانية وهي أن كل مفتقر إلى المخصص محدث، ممنوعة" (٢) واحتج بجواز أ، تكون الصفات متعاقبة على الجواهر والأجسام إلى غير النهاية، وقد علق شيخ الإسلام على هذا بأن هذا المسلك أضعف من مسلك الحركة والسكون، لأن هذا يفتقر إلى ما يفتقر إليه ذاك من غير عكس، ثم إن كليهما مفتقر إلى بيان امتناع حوادث متعاقبة دائمة، وقد سبق بيان ذلك في مسألة حوادث لا أول لها (٣) .

٢- أن قولهم لا بد له من قدر، أكثر العقلاء سلموا به، أما قولهم لا بد له من اجتمع وافتراق فهو مبني على مسألة الجوهر الفرد، وأكثر العقلاء - ومنهم كثير من الأشاعرة - ينكرونه.

ثم بعد ذلك يقال في مسألة "القدر" ما يقال في مسألة الصفات، لأن القدر صفة من صفات ذي القدر، كلونه وحياته وقدرته وسمعه وبصره وغيرها، "فإذا قال القائل: كل ذي قدر يمكن أن يكون قدره على خلاف ما هو عليه، كان بمنزلة أن يقول: كل موصوف يمكن أن يكون موصوفا بخلاف صفته، فإذا عرضنا على عقولنا ما نعلمه من الموجودات التي لها أقدار وصفات، كان تجويزنا لكونها على خلاف أقدارها كتجويزنا هلا أن تكون عل خلاف صفاتها،


(١) انظر: درء التعارض (٣/٣٥١-٣٥٤) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٣/٣٥٤) ، وانظر أيضا (٤/٢٦٩) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٣/٣٥٤-٣٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>