للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِي} (الزمر: من الآية٢٣) . فهو شامل لجميع القرآن، لأن القرآن كله محكم، ويشبه بعضه بعضا في ذلك. وهذان المعنيان لم يخالف فيهما أحد.

ومسألة المحكم والمتشابه اكتسبت أهمية خاصة عند كثير من المتأخرين، لما دخل فيهما من موضوعات مهمة كانت مثار خلاف وجدل بين العلماء.

والملاحظ أن ما كتبه الفخر الرازي في تفسيره (١) ، وفي كتابه أساس التقديس (٢) حول المحكم والمتشابه وما يتعلق بهما - أصبح مرجعا أساسا لكثير ممن أتى بعده، وإن كان قد سبق إلى ذلك بعض الأشاعرة (٣) والمعتزلة (٤) .

وليس المقصود تتبع مباحث المحكم والمتشابه، لأن هذه لها مناسبات أخرى، وإنما المقصود بيان أن أهم الأمور التي ركز عليها الرازي في ذلك أربعة أمور:

١- أنه لا بد من قانون أصلي لمعرفة المحكم والمتشابه، ثم بين أنه لا يجوز ترك الظاهر الذي دل عليه الآية والخبر إلا بدليل منفصل، ثم ذكر أن هذا الدليل المنفصل إما لفظي وإما عقلي.

أما الدليل اللفظي المنفصل فإذا عارض دليلا آخر فليس ترك أحدهما لإبقاء الآخر أولى من العكس. ثم رد الرازي على زعم أن الدليل اللفظي قد يكون قاطعا فيجب تقديمه لذلك: بأن "الدلائل اللفظية لا تكون قطعية لأنها موقوفة على نقل اللغات، ونقل وجوه النحو والتصريف، وعلى عدم الإشتراك، والمجاز، والتخصيص، والإضمار، وعدم المعارض النقلي والعقلي. وكل واحد من هذه المقدمات مظنونة، والموقوف على المظنون أولى أن يكون مظنونا، فثبت أن شيئا من الدلائل اللفظية لا يمكن أن يكون قطعياً (٥) . كما رد على من قال إن أحد


(١) (٧/١٦٦) وما بعدها.
(٢) (ص:١٧٨-١٩٢) - ط الحلبي.
(٣) كالجويني في الشامل (ص:٥٥٠-٥٥٣) ، فقد تعرض لذلك عند حديثه عن صفة الاستواء.
(٤) كعبد الجبار الهمذاني المعتزلي في كتبا متشابه القرآن (ص:٥) وما بعدها، وقد نص على أنه يجب ا، رتب المحكم والمتشابه جميعا على أدلة العقل. انظر (ص:٧) ، وقد أخذ الرازي بقوله هذا.
(٥) أساس التقديس (ص:١٨٢) - ط الحلبي، وانظر ما سبق (ص:٨٤١-٨٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>