للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في آخر قوله" (١) ، ثم نقل كلام الرازي في تفسيره (٢) وسبب هذه الحيرة والتوقف عند الرازي - كما يرى شيخ الإسلام - "أن كلا القولين اللذين حكاهما عن المتكلمين والفيذ حكاه عن السلف قول باطل. والذي حكاه عن السلف ليس قولهم ولا قول أحد منهم، ولا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين" (٣) .

وبهذا يتبين أن خلاصة رأي شيخ الإسلام أنه لا بدل لكل ما أنزل الله تعالى من معنى يمكنه فهمه، وليس هناك فرق بين آيات الصفات وآيات الأحكام. وكثير من الصحابة والتابعين كانوا يعلمون تفسير القرآن، ولا توجد آية ليس لهم فيها تفسير يوضح معناها. وتفسيرهم وفهمهم للنصوص هو الذي يرجع إليه عند الاختلاف. أما ما يدعيه أصحاب التأويلات المحرفة من تأويلاتهم هي المعاني الصحيحة للآيات التي أولوها، فهذا خطأ منهم (٤) .

وفي رسالة الإكليل بين شيخ الإسلام "أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، وقال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس، وهذا لا ريب فيه ثم بين سبب الكلام في هذه المسألة فقال: "وإنما وضع هذه المسألة المتأخرون من الطوائف بسبب الكلام في آيات الصفات وآيات القدر وغير ذلك، فلقبوها: "هل يجوز أو يشتمل القرآن على مالا يعلم معناه، [وأنا] (٥) تعبدنا بتلاوة حروفه بلا فهم" فجوز ذكر طوائف متمسكين بظاهر الآية، وبأن الله يمتحن عباده بما شاء. ومنعها طوائف ليتوصلوا بذلك إلى تأويلاتهم الفاسدة التي هي تحريف الكلم عن مواضعه.


(١) نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٢١-٢٢٢) .
(٢) انظر: نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٢٢) ، وقارن بتفسير الرازي (٧/١٧٠) .
(٣) نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٢٢) .
(٤) انظر: المصدر السابق (٢/٢٢٣) .
(٥) في مجموع التاوى (١٣/٢٨٥) [وأما] ولذلك جاء في أول السطر، وفي مجموعة الرسائل الكبرى (٢/١٥) [وما] ، ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>