للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (آل عمران: من الآية٧) على قراءة العطف وفسروا التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم بأنه صرف اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح. وهذا خطأ عظيم لأن التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم - على قراءة الوصل - هو التفسير، وهذا قد لا يعلمه بعض الناس لكن الراسخين في العلم يعلمونه، "فمن قال إن القرآن يجوز أن يشتمل على ما لا سبيل لبعض الناس إلى العلم به فقد أصاب، وذلك لعجزه، لا عن نقص في دلالة القرآن، فكثير من الناس لا سبيل له إلى أن يعلم كثيرا من العلوم كالطب والنجوم والتفسير والحديث، وإن كان غيره يعلم ذلك، وإن أراد أنه لا سبيل لأحد إلى معرفة تفسيره فقط غلط. وإن قال: لا سبيل لأحد إلى معرفة حقيقته وكيفيته وهيئته ونحو ذلك فقد أصاب، فينبغي أن يعرف الفصل في هذا الباب حتى يظهر الخطأ من الصواب" (١) .

وقد أوضح شيخ الإسلام قبل ذلك ما في قول القائل: ما لا سبيل لنا إلى العلم به من الإجمال (٢) .

بقى الكلام في أدلة الفريق الثاني المجوزين لوجود مالا سبيل لنا إلى العلم به، وقد ساق الرازي أدلتهم، ثم سكت عن الترجيح بين القولين، ولذلك رد عليه شيخ الإسلام قائلاً: "قلت: ذكر القولين ولم يرجح أحدهما، ولم يذكر جواب أحدهما عن حجة الآخرين فبقيت المسألة على الوقف والحيرة والشك. وكذلك لما ذكر بعد هذا تقرير قول من جزم بالتأويل، فإنه هنا ذكر الخلاف في جواز ورود ما أمكن فهم معناه، وهناك ذكر قول من أوجب وقوع ذلك وجزم بالتأويل، وقد ذكر حجة كل قوم، ولم يذكر لهم جواباً عن حجة الآخرين (٣) فبقيت المسألة مما تكافأت فيها الأدلة [عنده] (٤) ، وأما في تفسيره فرجح المنع من التأويل، كما رجح أبو المعالي في آخر قوليه، وكما رجحه أبو حامد


(١) نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٠٠) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٢/١٩٩) .
(٣) انظر: حجة الفريقين حول جواز التأويل في أساس التقديس للرازي (ص: ١٨٢-١٨٧) ، ومن المؤسف أن مخطوطة نقض هذا الفصل انتهت بعد صفحات يسيرة من بداية مناقشتها.
(٤) في المخطوطة (عنه) ، ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>