للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان قد تعقبه في بعض أدلته - مثل بعض الأدلة العقلية التي أوردها - لأنها لا تتفق مع أصوله الاشعرية (١) . وشيخ الإسلام هنا لا يعارض استدلاله وإنما يبين تناقضه.

يقول شيخ الإسلام بعد ذكره لهذه الحجج - ردا على الرازي -: "هذه الحجج كما أنها دالة على فساد قول من قال: إن في القرآن ما لا سبيل لأحد إلى فهمه، بل معرفة معناه، فهي أيضاً دالة على فساد قول هؤلاء المتكلمين، نفاة الصفات أو بعضها، فهي حجة على فساد قول الطائفتين، وذلك أن هؤلاء النفاة يقولون: إن التوحيد الحق الذي يستحقه الله تعالى ويجب أ، يعرف به ويمتنع وصفه بنقيضه ليس هو في القرآن، ولم يدل عليه القرآن. ودلالة الخطاب المعروفة، وهو كون الرب ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا يشار إليه ولا يقرب من شيء ولا يقرب من شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا يحجب العباد عنه شيء، ولا عنده شيء دون شيء، بل جميع الأشياء سواء، ولا يحتجب عنهم بشيء، وأنواع ذلك، فمن المعلوم أن القرآن لم يدل على شيء من ذلك، ولا بينه، بل إنما دل على نقيضهن وهو إثبات الصفات [التي] (٢) تدل على أنه يقرب من غيره ويدونه إليه، ويقرب العبد منه ويدنون إليه،، وعلا انه عالى على جميع الأشياء، فوقها، وأنه ينزل منه كلامه، وتنزل الملائكة من عنده وتعرج إليه، وأمثال ذلك، وهم متفقون على أن ظاهر القرآن إنما يدل على الإثبات الذي هو عندهم تجسيم باطل بل كفر. وغيرهم يقول: بل دلالة القرآن على ذلك نصوص صريحة، بل ذلك معلوم بالاضطرار من القرآن والرسول" (٣) .

وهؤلاء المتكلمون النفاة أرادوا أن يتوصلوا بقولهم الذي وافقهم عليه شيخ الإسلام - إلى تأويل النصوص إلى معان أخرى باطلة - وقد احتجوا بالآية


(١) انظر: نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢١٣-٢١٤) .
(٢) زيارة مني ليستقيم الكلام.
(٣) نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>