للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي في أوائل السور فهذا صحيح، لا نزاع فيه، وإن قيل: إن أحدا من الناس لا يعرف ذلك وإن الرسول نفسه لم يكن يعرف ذلك، فمن أين لهم هذا؟ فهذا النفي لا بد له من دليل" (١) .

ث أما حديث "إن من العلم كهيئة المكنون ... " فليس له إسناد يقوم به، وعلى تقدير صحته فهو حجة عليهم لأن فيه أن أهل العلم بالله يعلمونه (٢) .

وبهذا يتبين ضعف حجة هؤلاء الذين يجوزون أن يكون في كلام الله مالا سبيل لنا إلى العلم به، ولذلك قال شيخ الإسلام في تفسير سورة الإخلاص ما يعتبر تلخيصاً لما سبق: "والمقصود هنا أنه لا يجوز أن يكون الله أنزل كلاما لا معنى له، ولا يجوز أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجميع الأمة لا يعلمون معناه كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين، وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ، سواء كان مع هذا تأويل القرآن لا يعلمه الراسخون، أو كان للتأويل معنيان: يعلمون أحدهما، ولا يعلمون الآخر، وإذا دار الأمر بين القول بأن الرسول كان لا يعلم معنى المتشابه من القرآن، وبين أن يقال: الراسخون في العلم يعلمون، كان هذا الإثبات خيراً من ذلك النفي، فإن معنى الدلائل الكثيرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف على أن جميع القرآن مما يمكن علمه وفهمه وتدبره، وهذا مما يجب القطع به ... " (٣) وقد قال كثير من السلف إنهم يعلمون تأويل القرآن، وهذا معروف مشهور (٤) .

الأمر الثاني: من أمور بيان شيخ الإسلام في مسألة المحكم والمتشابه أنه إذا تبين رجحان قول من قال: إن كلام الله يمكن معرفة تفسيره والعلم به، وإنه ليس هناك في كلام الله ما لا سبيل لنا إلى العلم به - فما المقصود بالمتشابه المذكورة في آية آل عمران؟


(١) نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٤٩-٢٥٠) .
(٢) انظر: تفصيل قوله حول هذا الحديث في نقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٥٠-٢٥١) ، وقارن بما سبق (ص:٧٤٩) .
(٣) تفسير سورة الإخلاص - مجموع الفتاوى - (١٧/٣٩٠،٣٩٩) .
(٤) انظر: المصدر السابق (١٧/٣٩٠-٣٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>