للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فقلت لهم: إنما هو الثواب، قال الله جل ذكره: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} (الفجر:٢٢) ، وإنما تأتي قدرته، القرآن أمثال ومواعظ، وأمر ونهي، وكذا وكذا" (١) ، وأحال القاضي أبو يعلي في أبطال التأويلات على رواية حنبل فقال: "وقد قال أحمد في رواية حنبل في قوله {وَجَاءَ رَبُّكَ} قال قدرته" (٢) . ونقل هذه الرواية عن القاضي أبي يعلي بعض الحنابلة، منهم ابن الجوزي في تفسيره (٣) ، وفي كتابه الباز الأشهب (٤) - الذي نصر فيه مذهب أهل التعطيل -، كما نسبه البيهقي إلى الإمام أحمد (٥) .

والعجيب أن هؤلاء المعطلة - يعظم عندهم مثل هذين النقلين - مع ما فيهما من كلام كما سيأتي - وأما النصوص المتواترة المشتهرة عن الإمام أحمد في إثبات الصفات، والرد على الجهمية وأتباعهم، والتحذير من الخوض في علم الكلام وتأويل الصفات - فهذه لا حجة فيها عندهم على مذهب هذا الإمام الموافق لمذهب السلف، وغاية ما يقولون فيها أن الإمام أحمد إنما أراد بها التفويض!.

ومع ذلك فلا حجة لهم فيما نقلوه عن هذا الإمام، وبيان ذلك كما يلي: أما النقل الأول - الذي ذكره الغزالي والرازي - فقد قال فيه شيخ الإسلام "هذه الحكاية كذب على أحمد، لم ينقلها أحد عنه بإسناد، ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه، وهذا الحنبلي الذي ذكر عنه أبو حامد مجهول لا يعرف: لا علمه


(١) الجوهر المحصل في مناقب الإمام أحمد (ص: ٥٨) ، وانظر (ص: ٨٢) ، وانظر: الاستقامة (١/٧٤) .
(٢) أبطال التأويلات، (ص:٦١) - مخطوط.
(٣) زاد المسير [البقرة: ٢١] ، (١/٢٢٥) ، وفي سورة الفجر آية: ٢٢ أحال على آية البقرة.
(٤) (ص:٦١) ، وهو نفسه "دفع شبه التشبيه" والنصف فيه (ص:٤٥) ، وإن كان الباز فيه بعض الزيادات. والعجيب أن محققي الكتابين - الكوثري، ومحمد منير - يشربان من عين واحدة، هي عين التعطيل وقد رد على ابن الجوزي في دعواته نسبة التأويل إلى الإمام أحمد صاحب رسالة: ابن الجوزي بين التفويض والتأويبل (ص: ١٣٨-١٤٣) - ط على الآلة الكاتبة.
(٥) كما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (١٠/٣٢٧) - وقد سبقت الإشارة إلى ذلك (ص:٥٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>