للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغزالي ذكر تطور تأويل نصوص السمع عند المعتزلة والفلاسفة وغيرهم في أمور المعاد واليوم الآخر والصفات، وقد نقل شيخ الإسلام كلامه، وبين أنه حجة عليه، كما رد عليه تعويله على الكشف والمشاهدة (١) .

الأمر الثالث: هل قال الإمام أحمد بالتأويل؟ "

القول بأن الإمام أحمد قال بالتأويل تلقفته طائفتان:

إحداهما: طائفة من الحنابلة الذين مالوا إلى شيء من بدع أهل الكلام، حيث جعلوا مثل هذا النقل عن الإمام أحمد حجة لهم في مخالفتهم لما هو مشهور عن جمهور أصحابه المتبعين لمذهب السلف.

والأخرى: طائفة من الأشاعرة وغيرهم، ليستدلوا بمثل هذا النقل على صحة مذهبهم في تأويل بعض الصفات، وأنهم مخالفين لمذهب السلف. والذي روى عن الإمام أحمد في هذه المسألة لا يتعدى أحد نقلين:

أحدهما: ما نقله الغزالي - في معرض حديثه عن الإمام أحمد ومنعه من التأويل - قال الغزالي: "سمعت بعض أصحابه يقول: إنه حسم باب التأويل إلا لثلاثة ألفاظ: قوله - صلى الله عليه وسلم -: الحجر الأسود يمين الله في أرضه (٢) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن" (٣) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن (٤) .." (٥) وقد نقل الرازي هذا عن الغزالي مع تبديل في أحد الأحاديث (٦) .

الثاني: ما نقله حنبل في المحنة، عن الإمام أحمد، يقول: احتجوا علي يوم المناظرة، فقالوا: تجيء يوم القيامة سورة البقرة، وتجيء سورة تبارك؟


(١) انظر: درء التعارض (٥/٣٤٧غ-٣٥٧) ، وانظر أيضاً: نقض التأسيس - مخطوط - (٣/٩٣-١٠٣) .
(٢) سبق تخريجه (ص:٥٩٣) .
(٣) رواه مسلم، كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف يشاء، ورقمه (٢٦٥٤) .
(٤) سبق تخريجه قريبا (ص: ١١٥٤) .
(٥) أحياء علوم الدين (١/١٠٣) .
(٦) انظر: ساس التقديس للرازي (ص: ٨١) حيث أبدل حديث أنا جليس من ذكرني بحديث قلوب العبد الذي ذكره الغزالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>