والمناقشة التفصيلية السابقة لهذه الأمور تدل على أن ما اعتمد عليه هؤلاء الأشاعرة - وغيرهم - من أدلة عقلية وغيرها على ما خطوه لأنفسهم من منهج في باب الأسماء والصفات - كان باطلا مخالفا لأدلة الكتاب والسنة وأقوال السلف. وهذا وحده كاف في الرد عليهم وبيان تناقضهم وبطلان أقوالهم المخالفة لمذهب السلف.
وهذه الشبه - أو الحجج - التي تناقلها الأشاعرة بعضهم عن بعض وزادها متأخروهم تقريراً وتفصيلا - قد بذل شيخ الإسلام -رحمه الله- وأجزل له المثوبة - جهدا كبيرا في تفتيتها، وكشف حقائقها وخفاياها.
ومع أن شيخ الإسلام قد رد على تلك الأدلة - أو الشبه - إلا أنه زاد الأمر بيانا بتقرير بعض الأصول المهمة والقواعد النافعة التي تبين صحة مذهب السلف، وبطلان مذاهب هؤلاء المتكلمين.. ومن أهم هذه القواعد التي قررها:
١- أن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم.
٢- أن الكتاب والسنة فيهما ما يغني عما ابتدعه هؤلاء من علم الكلام المذموم.
٣- أنه لا تعارض بين العقل والنقل.
٤- أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.
وقد سبق تفصيل القول في الثلاث الأولى (١) ، وبقى الكلام في القاعدة الرابعة، وهي متعلقة بموضوع هذا البحث. ولذلك سيتم توضيح القول فيها بعون الله.
قاعدة: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر:
هذا الأصل أو هذه القاعدة - من أعظم الأصول والقواعد في باب الأسماء والصفات، ومن أهمها في بيان تناقض الخصوم من أهل الكلام - على مختلف طبقاتهم ودرجاتهم في هذا الباب - كما أنها مشتملة على جوانب عظيمة في إقناع من يتردد في صحة مذهب السلف، أو يخالطه شك أو شبهة مما ينثره أهل الكلام في كتبهم ومقالاتهم.
(١) الأولى (ص:٧٥٦) وما بعدها، والثانية (ص:٧٢٧) وما بعدها، والثالثة (ص:٨١٩) وما بعدها.