للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح أنني أثبت هذه الصفات بالعقل، ولكني أيضاً نفيت ما عداها بالعقل لأنها تستلزم التجسيم. وحينئذ يعود الكلام إلى ما ذكر أولا في بداية هذه المناقشة ويقال له: "القول في هذه الصفات التي تنفيها كالقول في الصفات التي أثبتها، فإن كن هذا مستلزما للتجسيم فكذلك الآخر، وإن لم يكن مستلزما للتجسيم فكذلك الآخر" (١) ، فدعواه التفريق بينهما باطل وهو متناقض كما تقدم.

هذا هو أهم الأمثلة التي ذكرها شيخ الإسلام، وهو مثال شامل لجميع الصفات التي نفاها الأشاعرة (٢) . وهناك أمثلة أخرى ترجع إلى ما سبق ومنها:

٢- تطبيقه في صفة النزول:

يقول شيخ الإسلام في شرح حديث النزول بعد تقريره لهذا الأصل وهو أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر: "ومثل ذلك أنه إذا قال: النزول والاستواء ونحو ذلك، من صفات الأجسام؛ فإنه لا يعقل النزول والاستواء إلا لجسم مركب، والله سبحانه منزه عن هذه اللوازم، فيلزم تنزيهه عن الملزوم، أو قال: هذه حادثة، والحوادث لا تقوم إلا بجسم مركب، وكذلك إذا قال: الرضا والغضب والفرح والمحبة ونحو ذلك من صفات الأجسام.

فإنه يقال له: وكذلك الإرادة، والسمع، والبصر، والعلم، والقدرة، من صفات الأجسام، فإنا كما لا نعقل ما ينزل، ويستوى، ويغضب، ويرضي، إلا جسما، لم نعقل ما يسمع، ويبصر، ويريد، ويعلم، ويقدر، إلا جسما.

فإذا قيل: سمعه ليس كسمعنا، وبصره ليس كبصرنا، وإرادته ليست كإرادتنا، وكذلك علمه وقدرته. قيل له: وكذلك رضاه ليس كرضانا، وغضبه


(١) مجموع الفتاوى (٦/٤٦-٤٧) .
(٢) انظر أيضاً في تقرير هذا الأصل: درء التعارض (١/٩٩-١٠٠) ، الرسالة الأكملية - مجموع الفتاوى (٦/٧٥) ، شرح الأصفهانية (ص:٢٧-٢٨،٣٨٤) - ت السعوي، والفرقان بين الحق والباطل - مجموع الفتاوى (١٣/١٦٥) ، ومنهاج السنة (٢/٨٤) - ط دار العروبة المحققة، ومجموع الفتاوى (٦/٤٠-٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>